صفحة رقم ١٩٣
والمعنى أن آنية أهل الجنة من فضة بيضاء في صفاء الزجاج، والمعنى يرى ما في باطنها من ظاهرها، قال الكلبي : إن الله تبارك وتعالى جعل قوارير كل قوم من تراب أرضهم، وإن أرض الجنة من فضة فجعل منها قوارير يشربون فيها، وقيل إن القوارير التي في الدنيا من الرمل والقوارير التي في الجنة من الفضة، ولكنها أصفى من الزجاج.
) قدروها تقديراً ( أي قدروا الكؤوس على قدر ريهم، وكفايتهم لا تزيد ولا تنقص.
والمعنى أن السقاة والخدم الذين يطوفون عليهم يقدرونها لهم ثم يسقونهم.
الإنسان :( ١٧ - ٢١ ) ويسقون فيها كأسا...
" ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا " ( ) ويسقون فيها ( أي في الجنة ) كأساً كان مزاجها زنجبيلاً ( قيل إن الزنجبيل هو اسم للعين التي يشرب منها الأبرار يوجد منها طعم الزنجبيل يشرب بها المقربون صرفاً، ويمزج لسائر أهل الجنة، وقيل هو النبت المعروف، والعرب كانوا يجعلون الزنجبيل في شرابهم لأنه يحصل فيه ضرب من اللذع قال الأعشى :
كأن القرنفل والزنجبي
ل باتا بفيها وأرياً مشورا
الأري العسل والمشور المستخرج من بيوت النحل وقال المسيب بن علس :
فكأن طعم الزنجب
يل به إذ ذقته سلافة الخمر
فلما كان الزنجبيل مستطاباً عند العرب وصف الله تعالى شراب أهل الجنة بذلك، وقيل إن شرب أهل الجنة على برد الكافور، وطعم الزنجبيل وريح المسك قال ابن عباس : كل ما ذكر الله تعالى في القرآن مما في الجنة وسماه ليس له مثل في الدنيا، وذلك لأن زنجبيل الجنة لا يشبه زنجبيل الدنيا ) عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ( أي سلسلة منفادة لهم يصرفونها حيث شاؤوا وقيل حديدة الجرية سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليها في طرقهم، ومنازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى سائر الجنان، وقيل سميت بذلك لأنها في غاية السلاسة تتسلسل في الحلق ومعنى تسمى أي توصف لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلا صفة لا اسم ) ويطوف عليهم ولدان مخلدون ( أي في الخدمة وقيل مخلدون مسرورون ومقرطون ) إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ( يعني في بياض اللؤلؤ الرطب وحسنه، وصفائه، واللؤلؤ إذا انتثر على البساط كان أصفى منه منظوماً، وقيل إنما شبهوا بالمنثور لانتثارهم في الخدمة.
قوله عز وجل :( وإذا رأيت ( قيل الخطاب للنبي ( ﷺ ) وقيل لكل واحد ممن يدخل الجنة والمعنى إذا رأيت ببصرك ونظرت به ) ثم ( يعني إلى الجنة ) رأيت نعيماً ( أي لا يوصف عظمه ) وملكاً كبيراً ( قيل هو أن أدناهم منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه، وقيل هو أن رسول رب العزة من الملائكة لا يدخل عليه إلا بإذنه وهو استئذان الملائكة عليهم وقيل معناه ملكاً


الصفحة التالية
Icon