صفحة رقم ١٩٧
كذبهم وتعظيم من آمن بهم، ثم بين ذلك اليوم فقال تعالى :( ليوم الفصل ( قال ابن عباس يوم فصل الرحمن فيه بين الخلائق ثم أتبع ذلك تعظيماً وتهويلاً فقال تعالى :( وما أدراك ما يوم الفصل ( أي وما أعلمك بيوم الفصل وهو له وشدته ) ويل يومئذ للمكذبين ( أي بالتوحيد والنبوة والمعاد والبعث والحساب.
قوله تعالى :( ألم نهلك الأولين ( يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم ) ثم نتبعهم الآخرين ( يعني السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب، وهم كفار قريش، أي نهلكهم بتكذيبهم محمداً ( ﷺ ) ) كذلك نفعل بالمجرمين ( أي إنما نفعل بهم ذلك لكونهم مجرمين ) ويل يومئذ للمكذبين ألم نخلقكم من ماء مهين ( يعني النطفة ) فجعلناه في قرار مكين ( يعني الرحم ) إلى قدر معلوم ( يعني وقت الولادة وهو معلوم لله تعالى لا يعلم ذلك غيره ) فقدرنا ( قرىء بالتشديد من التقدير، أي قدرنا ذلك تقديراً ) فنعم القادرون ( أي المقدرون له وقرىء بالتخفيف من القدرة، أي قدرنا على خلقه، وتصويره كيف شئنا فنعم القادرون حيث خلقناه في أحسن صورة وهيئة.
المرسلات :( ٢٤ - ٣٢ ) ويل يومئذ للمكذبين
" ويل يومئذ للمكذبين ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر " ( ) ويل يومئذ للمكذبين ( أي المنكرين للبعث لأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة ) ألم نجعل الأرض كفاتاً ( يعني وعاء وأصله الضم والجمع ) أحياء وأمواتاً ( يعني تكفتهم أحياء على ظهرها بمعنى تضمهم في دورهم ومنازلهم وتكفتهم أمواتاً في بطنها في قبورهم، ولذلك تسمى الأرض أما لأنها تضم الناس كالأم تضم ولدها ) وجعلنا فيها ( أي في الأرض ) رواسي شامخات ( يعني جبالاً عاليات ) وأسقيناكم ماء فراتاً ( يعني عذاباً ) ويل يومئذ للمكذبين ( يعني أن هذا كله أعجب عن البعث فالقادر عليه قادر على البعث.
قوله عز وجل :( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ( يعني يقال للمكذبين بيوم القيامة في الدنيا انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون وهو العذاب ثم فسره بقوله ) انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ( يعني دخان جهنم إذا سطع وارتفع تشعب، وتفرق ثلاث فرق، وكذلك شأن الدخان العظيم.
فيقال لهم كونوا فيه إلى أن يفرغ من الحساب كما يكون أولياء الله تعالى في ظل عرشه، وقيل يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث شعب على رؤوسهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) لا ظليل ( أي إن ذلك الظل لا يظل من حر ) ولا يغني من اللهب ( أي لا يرد عنهم لهب جهنم والمعنى أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لا يدفع عنهم حر اللهب ) إنها ( يعني جهنم ) ترمي بشرر ( جمع شرارة وهي ما تطاير من النار ) كالقصر ( يعني كالبناء العظيم ونحوه قيل هي أصول الشجر، والنخل العظام واحدتها قصرة وسئل ابن عباس عن قوله، ) ترمي بشرر كالقصر ( فقال هي الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع، وفوق ذلك ودونه


الصفحة التالية
Icon