صفحة رقم ٢٠٢
) إنهم كانوا لا يرجون حساباً ( أي لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا بأنهم يحاسبون ) وكذبوا بآياتنا ( أي التي جاءت بها الأنبياء، وقيل كذبوا بدلائل التوحيد والنّبوة والبعث والحساب ) كذاباً (، أي تكذيباً قال الفراء هي لغة يمانية فصيحة يقولون في مصدر التفعيل فعال، قال وقد سألني أعرابي منهم يستفتيني الحلق أحب إليك أم القصار يريد التقصير ) وكل شيء ( أي من الأعمال ) أحصيناه ( أي بيناه وأثبتناه ) كتاباً ( أي في كتاب وهو اللوح المحفوظ، وقيل معناه وكل شيء علمناه علماً لا يزول ولا يتغير ولا يتبدل والمعنى أنا عالم بجميع ما فعلوه من خير وشر، وأنا أجازيهم على قدر أعمالهم جزاء وفاقاً ) فذوقوا ( أي يقال لهم ذوقوا ) فلن نزيدكم إلا عذاباً ( قيل هذه الآية أشد آية في القرآن على أهل النار كلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه.
قوله عز وجل :( إن للمتقين مفازاً ( أي فوزاً أي نجاة من العذاب، وقيل فوزاً بما طلبوه من نعيم الجنة، ويحتمل أن يفسر الفوز بالأمرين جميعاً لأنهم فازوا بمعنى نجوا من العذاب، وفازوا بما حصل لهم من النّعيم.
ثم فسره قال ) حدائق ( جمع حديقة وهي البستان المحوط فيه كل ما يشتهون ) وأعناباً ( التنكير يدل على تعظيم ذلك العنب ) وكواعب ( جمع كاعب يعني جواري نواهد قد تكعبت ثديهن ) أتراباً ( يعني مستويات في السن ) وكأساً دهاقاً ( قال ابن عباس : مملوءة مترعة، وقيل متتابعة، وقيل صافية ) لا يسمعون فيها ( أي في الجنة، وقيل في حالة شربهم لأن أهل الدنيا يتكلمون بالباطل في حالة شربهم ) لغواً ( أي باطلاً من الكلام ) ولا كذاباً ( أي تكذيباً والمعنى أنه لا يكذب بعضهم بعضاً ولا ينطقون به ) جزاء من ربك عطاء حساباً ( أي جازاهم جزاء وأعطاهم عطاء حساباً أي كافياً وافياً، وقيل حساباً يعني كثيراً، وقيل جزاء بقدر أعمالهم ) رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطاباً ( أي لا يقدر الخلق أن يكلموا الرب إلا بإذنه، وقيل لا يملكون منه خطاباً أي لا يملكون شفاعة إلا بإذنه في ذلك اليوم.
النبأ :( ٣٨ - ٤٠ ) يوم يقوم الروح...
" يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " ( ) يوم يقوم الروح والملائكة صفاً ( قيل هو جبريل عليه الصلاة والسلام وقال ابن عباس : الروح ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقاً أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفاً، وقامت الملائكة كلهم صفاً واحداً فيكون من عظم خلقه مثلهم، وقال ابن مسعود : الروح ملك عظيم أعظم من السموات والأرض والجبال وهو في السماء الرابعة يسبح الله كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله من كل تسبيحة ملكاً يجيء يوم القيامة صفاً وحده، وقيل الروح خلق على صورة بني آدم وليسوا