صفحة رقم ٢٠٥
سبحاً ( " يعني الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلونها سلاً رفيقاً، ثم يدعونها حتى تستريح، ثم يستخرجونها كالسابح في الماء يتحرك فيه برفق ولطافة، وقيل هم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين كالفرس الجواد إذا أسرع في جريه.
يقال له سابح ) فالسابقات سبقاً ( " يعني الملائكة سبقت ابن آدم بالخير والعمل الصالح، وقيل هم الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة.
الوجه الثاني : في قوله ) والنازعات غرقاً ( يعني النفس حين تنزع من الجسد، فتغرق في الصدر ثم تخرج ) والناشطات نشطاً (، قال ابن عباس : هي نفوس المؤمنين تنشط للخروج عند الموت لما ترى من الكرامة، وذلك لأنه يعرض عليه مقعده في الجنة قبل أن يموت وقال علي بن أبي طالب : هي أرواح الكفار تنشط بين الجلد، والأظفار حتى تخرج من أفواههم بالكرب والغم.
النازعات :( ٣ - ٧ ) والسابحات سبحا
" والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمرا يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " ( ) والسابحات سبحاً ( يعني أرواح المؤمنين حين تسبح في الملكوت ) فالسابقات سبقاً ( يعني استباقها إلى الحضرة المقدسة.
الوجه الثالث : في قوله تعالى :( والنّازعات غرقاً ( " يعني النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب ) والناشطات نشطاً ( " يعني النجوم تنشط من أفق إلى أفق، أي تذهب ) والسابحات سبحاً (، يعني النجوم والشمس والقمر يسبحون في الفلك.
) فالسابقات سبقاً ( يعني النجوم يسبق بعضها بعضاً في السير.
الوجه الرابع : في قوله تعالى ) والنّازعات غرقاً ( " يعني خيل الغزاة تنزع في أعنتها وتغرق في عرقها وهي الناشطات نشطاً لأنها تخرج بسرعة إلى ميدانها، وهي السابحات في جريها، وهي السابقات سبقاً لاستباقها إلى الغاية.
الوجه الخامس : في قوله ) والنازعات غرقاً ( " يعني الغزاة حين تنزع قسيها في الرمي فتبلغ غاية المد وهو قوله غرقاً، ) والنّاشطات نشطاً ( " أي السّهام في الرمي ) والسّابحات سبحاً، فالسّابقات سبقاً ( يعني الخيل والإبل حين يخرجها أصحابها إلى الغزو.
الوجه السادس : ليس المراد بهذه الكلمات شيئاً واحداً، فقوله والنازعات يعني ملك الموت ينزع النفوس غرقاً حتى بلغ بها الغاية، ) والناشطات نشطاً ( " يعني النفس تنشط من القدمين بمعنى تجذب، ) والسابحات سبحاً ( يعني السفن، ) والسابقات سبقاً ( يعني مسابقة نفوس المؤمنين إلى الخيرات والطاعات.
أما قوله :( فالمدبرات أمراً (، فأجمعوا على أنهم الملائكة قال ابن عباس : هم الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله عز وجل : العمل بها وقال عبد الرّحمن بن سابط يدبر الأمر في الدنيا أربعة أملاك جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، واسمه عزرائيل، فأما جبريل فموكل بالرّياح والجنود، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنّبات، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأنفس، وأما إسرافيل فهو ينزل عليهم بالأمر من الله تعالى أقسم الله بهذه الأشياء لشرفها، ولله أن يقسم بما يشاء من خلقه، أو يكون التقدير، ورب هذه الأشياء، وجواب القسم محذوف تقديره لتبعثن، ولتحاسبن، وقيل جوابه ) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ( )
النازعات :( ٨ - ١٤ ) قلوب يومئذ واجفة
" قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاما نخرة قالوا تلك إذا كرة خاسرة فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " ( ) قلوب يومئذ واجفة ( ) يوم ترجف الراجفة ( " يعني النفخة الأولى يتزلزل ويتحرك لها كل شيء، ويموت منها جميع الخلق ) تتبعها الرادفة ( يعني النفخة الثانية ردفت الأولى وبينهما أربعون سنة، وقال قتادة : هما صيحتان فالأولى تميت كل شيء، والأخرى تحيي كل شيء بإذن الله عز وجلّ وقيل الرّاجفة التي تزلزل الأرض، والجبال والرادفة التي تشق السماء، وقيل الراجفة القيامة والرّادفة البعث يوم القيامة روى البغوي بسند الثعلبي عن أبي بن كعب قال :( كان رسول الله ( ﷺ ) إذا ذهب ربع اللّيل قام وقال : أيّها الناس اذكروا الله جاءت