صفحة رقم ٢١٣
أوقدت فصارت ناراً تضطرم، وقيل فجر بعضها في بعض العذاب، والملح حتى صارت البحار كلها بحراً واحداً وقيل صارت مياهها من حميم أهل النّار، وقيل سجرت أي يبست، وذهب ماؤها فلم تبق فيها قطرة.
قال أبي بن كعب : ست آيات قبل يوم القيامة، بينما النّاس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشّمس، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على الأرض، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النّجوم فتحركت، واضطربت، وفزعت الإنس، والجن، واختلطت الدّواب، والطّير، والوحش، وماج بعضهم في بعض.
فذلك قوله تعالى :( إذا الشّمس كورت وإذا النّجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت ( فحينئذ تقول الجن للإنس : نحن نأتيكم بالخبر، فينطلقون إلى البحر، فإذا هو نار تأجج، فبينما هم كذلك إذ انصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم، وعن ابن عباس قال : هي اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا، وستة في الآخرة، وهي ما ذكر بعد هذه.
وهو قوله تعالى :( وإذا النفوس زوجت ( روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية، فقال : يقرن بين الرّجل الصّالح مع الرجل الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السّوء مع الرجل السوء في النّار، وقيل ألحق كل امرىء بشيعته اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، وقيل يحشر الرجل مع صاحب عمله، وقيل زوّجت النّفوس بأعمالها، وقيل زوّجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرنت نفوس الكافرين بالشّياطين، وقيل معنى زوّجت ردت الأرواح إلى الأجساد.
التكوير :( ٨ - ١٣ ) وإذا الموؤودة سئلت
" وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت " ( ) وإذا الموءودة سئلت ( يعني الجارية التي دفنت، وهي حية سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيئدها، أي يثقلها حين تموت، وكانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية.
تدفن البنات حية مخافة العار، والحاجة، وروي عن ابن عباس قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت، وكان أوان ولادتها حفرت حفيرة، فتمخضت على رأس الحفيرة فإن ولدت جارية رمت بها في الحفيرة، وإذا ولدت غلاماً حبسته، وقيل كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت له بنت، وأراد بقاءها حية ألبسها جبة صوف، أو شعر وتركها ترعى الإبل، والغنم في البادية، وإذا أراد قتلها تركها حتى تشب، فإذا بلغت قال لأمها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر بئراً في الصّحراء، فيبلغ بها البئر فيقول لها : انظري فيها، فإذا نظرت دفعها من ورائها، ويهيل عليها التراب حتى تستوي بالأرض، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( الوائدة، والموءودة في النّار ) أخرجه أبو داود، وكان صعصعة بن ناجية ممن منع الوأد، ولم يئد فافتخر به الفرزدق في شعره فقال :
ومنا الذي منع الوائدات
وأحيا الوئيد فلم توأد


الصفحة التالية
Icon