صفحة رقم ٢٥٤
تعالى بالليل لأنه سكن لكافة الخلق يأوى فيه كل حيوان إلى مأواه، ويسكن عن الاضطراب، والحركة، ثم أقسم بالنهار بقوله ) والنهار إذا تجلى ( أي بان وظهر بعد الظلمة لأن فيه حركة الخلق في طلب الرزق ) وما خلق الذكر والأنثى ( أي ومن خلق فعلى هذا يكون أقسم بنفسه تعالى، والمعنى والقادر العظيم الذي قدر على خلق الذكر، والأنثى من ماء واحد إن أريد به جنس الذكر والأنثى، وقيل هما آدم وحواء، وإنما أقسم بهما لأنه تعالى ابتدأ خلق آدم من طين وخلق منه حواء من غير أم وجواب القسم قوله تعالى :( إن سعيكم لشتى ( أي إن أعمالكم لمختلفة فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها روى أبو مالك الأشعري عن رسول الله ( ﷺ ) أنه قال :( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) قوله موبقها أي مهلكها.
قوله تعالى :( فأما من أعطى ( أي أنفق ماله في سبيل الله عز وجل :( واتقى ( أي ربه، وفيه إشارة إلى الاحتراز عن كل ما لا ينبغي.
الليل :( ٦ - ١٠ ) وصدق بالحسنى
" وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى " ( ) وصدق بالحسنى ( قال ابن عباس صدق بقول لا إله إلا الله وعنه صدق بالخلف به، أي أيقن أن الله سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته، وقيل صدق بالجنة، وقيل صدق بموعد الله عز وجل الذي وعده أنه يثيبه ) فسنيسره ( فسنهيئه في الدنيا ) لليسرى ( أي للخلة والفعلة اليسرى، وهو العمل بما يرضاه الله.
قوله عز وجل :( وأما من بخل ( أي بالنّفقة في الخير والطاعة ) واستغنى ( أي عن ثواب الله تعالى فلم يرغب فيه ) وكذب بالحسنى ( أي بلا إله إلا الله أو كذب بما وعده الله عز وجل من الجنة والثواب ) فسنيسره للعسرى ( أي فسنيهئه للشّر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى الله تعالى فيستوجب بذلك النار، وقيل نعسر عليه أن يأتي خيراً وفي الآية دليل لأهل السّنة وصحة قولهم في القدر وأن التّوفيق والخذلان والسّعادة والشّقاوة بيد الله تعالى، ووجوب العمل بما سبق له في الأزل
( ق ) عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال :( كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله ( ﷺ ) فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس، وجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة ) زاد مسلم ( وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة