صفحة رقم ٢٧٢
( فصل في فضل ليلة القدر وما ورد فيها )
( ق ) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )، واختلف العلماء في وقتها فقال بعضهم إنها كانت على عهد رسول الله ( ﷺ ) ثم رفعت لقوله ( ﷺ ) حين تلاحى الرجلان ( إني خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيراً لكم ) وهذا غلط ممن قال بهذا القول لأن آخر الحديث يرد عليهم فإنه ( ﷺ ) قال في آخره ( فالتمسوها في العشر الأواخر في التاسعة والسابعة والخامسة )، فلو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها وعامة الصّحابة والعلماء فمن بعدهم على أنها باقية إلى يوم القيامة، روي عن عبد الله بن خنيس مولى معاوية قال قلت لأبي هريرة زعموا أن ليلة القدر رفعت قال كذب من قال ذلك قلت هي في كل شهر رمضان استقبله قال نعم.
ومن قال ببقائها ووجودها اختلفوا في محلها، فقيل هي متنقلة تكون في سنة في ليلة وفي سنة أخرى في ليلة أخرى هكذا أبداً قالوا : وبهذا يجمع بين الأحاديث الواردة في أوقاتها المختلفة وقال : مالك والثّوري وأحمد، وإسحاق وأبو ثور، إنها تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، وقيل بل تنتقل في رمضان كله، وقيل إنها في ليلة معينة لا تنتقل عنها أبداً في جميع السنين لا تفارقها، فعلى هذا هي في ليلة من السّنة كلها وهو قول ابن مسعود وأبي حنيفة، وصاحبيه وروي عن ابن مسعود أنه قال : من يقم الحول يصبها فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن.
أما إنه علم أنها في شهر رمضان ولكن أراد أن لا يتكل الناس وقال جمهور العلماء : إنها في شهر رمضان، واختلفوا في تلك الليلة فقال أبو رزين العقيلي : في أول ليلة من شهر رمضان، وقيل هي ليلة سبعة عشر وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر يحكى هذا عن زيد بن أرقم وابن مسعود أيضاً، والحسن والصّحيح الذي عليه الأكثرون أنها في العشر الأواخر من رمضان والله سبحانه وتعالى أعلم.
( ذكر الأحاديث الواردة في ذلك )
( ق ) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :( كان رسول الله ( ﷺ ) يجاور العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) ( م ) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان ) وذهب الشّافعي إلى أنها ليلة إحدى وعشرين
( ق ) عن أبي هريرة أن أبا سعيد قال ( اعتكفنا مع رسول الله ( ﷺ ) العشر الأواسط فلما كانت صبيحة عشرين نقلنا متاعنا فأتانا النبي ( ﷺ ) فقال من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه، وأنا رأيت هذه الليلة، ورأيتني أسجد في ماء وطين، فلما رجع إلى معتكفه هاجت السماء فمطرنا فوالذي بعثه بالحق لقد هاجت السماء من آخر ذلك اليوم، وكان المسجد على عريش، ولقد رأيت على أنفه وأرنبته أثر الماء والطين )، وفي رواية نحوه إلا أنه قال ( حتى إذا كانت ليلة أحدى وعشرين وهي اللّيلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ) وورد في فضل ليلة القدر اثنان وعشرون حديثاً عن عبد الله بن أنيس قال :( كنت في مجلس لبني سلمة وأنا أصغرهم فقالوا من يسأل لنا رسول الله ( ﷺ ) عن ليلة القدر وذلك في صبيحة إحدى وعشرين من رمضان فخرجت فوافيت رسول الله