صفحة رقم ٢٩٢
أو عشية، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل، فإنه لي صديق، فأسأله أن يصنع لك عند الملك ما استطاع من خير، ويعظم خطرك، ومنزلتك عنده قال فأرسل إلى أنيس، فأتاه فقال، له إن هذا سيد قريش، وصاحب عير مكة يطعم النّاس في السّهل، والوحوش في رؤوس الجبال، وقد أصاب الملك له مائتي بعير فإن استطعت أن تنفعه عنده، فانفعه فإنه صديق لي أحب ما وصل إليه من الخير، فدخل أنيس على أبرهة فقال : أيها الملك هذا سيد قريش، وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السّهل، والوحوش في رؤوس الجبال يستأذن عليك، وأنا أحب أن تأذن له، فيكلمك فقد جاء غير ناصب، ولا مخالف عليك، فأذن له وكان عبد المطلب رجلاً جسيماً، وسيماً فلما رآه أبرهة عظمه، وأكرمه، وكره أن يجلس معه على السرير وأن يجلس تحته، فهبط إلى البساط فجلس عليه، ثم دعاه، فأجلسه معه ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك إلى الملك فقال الترجمان : ذلك له فقال له عبد المطلب حاجتي إلى الملك أن يرد عليّ مائتي بعير أصابها لي، فقال أبرهة لترجمانه قل له كنت أعجبتني حين رأيتك، ولقد زهدت الآن فيك قال لم قال جئت إلى بيت هو دينك، ودين آبائك، وهو شرفكم، وعصمتكم لأهدمه لم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، قال عبد المطلب : أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه منك، قال ما كان ليمنعه مني قال فأنت وذاك فأمر بإبله فردت عليه، فلما ردت الإبل على عبد المطلب خرج، فأخبر قريشاً الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشّعاب ويتحرزوا في رؤوس الجبال تخوفاً عليهم من معرة الحبش، ففعلوا وأتى عبد المطلب الكعبة، وأخذ حلقة الباب وجعل يقول : يا رب لا أرجو لهم سواكا
يا رب فامنع منهم حماكا
إن عدو البيت من عاداكا
امنعهم أن يخربوا قراكا
وقال أيضاً :
لا هم إن العبد يم
نع رحله فامنع رحالك
وانصر على آل الصلي
ب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم
ومحالهم عدواً محالك
جروا جموع بلادهم
والفيل كي يسبوا عيالك


الصفحة التالية
Icon