صفحة رقم ٣٠٦
منهم الحارث بن قيس السّهمي، والعاص بن وائل السهمي، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب بن أسد، وأمية بن خلف قالوا يا محمد هلم اتبع ديننا ونتبع دينك، ونشركك في ديننا كله تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة فإن كان الذي جئت به خيراً كنا قد شركناك فيه، وأخذنا حظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه فقال له رسول الله ( ﷺ ) ( معاذ الله أن أشرك به غيره ) قالوا فاستلم بعض آلهتنا نصدقك، ونعبد إلهك قال ( حتى أنظر ما يأتي من ربي ) فأنزل الله ) قل يا أيها الكافرون ( إلى آخر السورة فغدا رسول الله ( ﷺ ) إلى المسجد الحرام وفيه أولئك الملأ من قريش، فقام على رؤوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السّورة فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه، وقيل إنهم لقوا العباس، فقالوا يا أبا الفضل لو أن ابن أخيك استلم بعض آلهتنا لصدقناه فيما يقول، ولآمنّا بإلهه، فأتاه العباس، فأخبره بقولهم، فنزلت هذه السّورة وقيل نزلت في أبي جهل والمستهزئين ومن لم يؤمن منهم.
ومعنى ذلك، أن النبي ( ﷺ ) كان مأموراً بتبليغ الرّسالة بجميع ما أوحي إليه فلما قال الله تعالى ) قل يا أيها الكافرون ( أداه النبي ( ﷺ ) كما سمعه من جبريل عليه السّلام فكأنه ( ﷺ ) قال أمرت بتبليغ جميع ما أنزل الله عليّ، وكان فيما نزل عليه ) قل يا أيها الكافرون ( وقيل إن النّفوس تأبى سماع الكلام الغليظ الشّنيع من النّظير، ولا أشنع ولا أغلظ من المخاطبة بالكفر فكأنه ( ﷺ ) قال ليس هذا من عندي إنما هو من عند الله عزّ وجلّ وقد أنزل الله عليَّ قل يا أيها الكافرون والمخاطبون بقوله يا أيّها الكافرون كفرة مخصوصون قد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون ) لا أعبد ما تعبدون ( في معنى الآية قولان : أحدهما أنه لا تكرار فيها، فيكون المعنى لا أعبد ما تعبدون لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( أي ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلبه منكم من عبادة إلهي ثم قال ) ولا أنا عابد ما عبدتم ( أي ولست في الحال بعابد معبودكم ) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( أي ولا أنتم في الحال بعابدين معبودي وقيل يحتمل أن يكون الأول للحال، والثاني للاستقبال، وقيل يصلح كل واحد منهما أن يكون للحال، والاستقبال، ولكن يختص أحدهما بالحال والثاني للاستقبال لأنه أخبر أولاً عن الحال ثم أخبر ثانياً عن الاستقبال، فيكون المعنى لا أعبد ما تعبدون في الحال ولا أنتم عابدون ما أعبد في الاستقبال وما بمعنى من أي من أعبد ويحتمل أن تكون بمعنى الذي أي الذي أعبد.
القول الثاني حصول التكرار في الآية وعلى هذا القول يقال إن التكرا يفيد التوكيد وكلما كانت الحاجة إلى التوكيد أشد كان التكرار أحسن ولا موضع أحوج إلى التوكيد من هذا الموضع لأن الكفار راجعوا النبي ( ﷺ ) في هذا المعنى مرارا فحسن التوكيد والتكرار في هذا الموضع لأن القرآن نزل بلسان العرب وعلى مجارى خطابهم ومن مذاهبهم التكرار إرادة التوكيد والإفهام كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز وقيل تكرار الكلام لتكرار الوقت وذلك أنهم قالوا للنبي ( ﷺ ) إن سرك أن ندخل في دينك عاما فادخل في ديننا عاما فنزلت هذه السورة جوابا لهم على قولهم ) لكم دينكم ولي ديني ( أي لكم


الصفحة التالية
Icon