صفحة رقم ٣١٠
بن خلف الغفاري وخرج رسول الله ( ﷺ ) عامداً إلى مكة لعشر بقين من رمضان سنة ثمان من الهجرة فصام النبي ( ﷺ ) وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد بين عسفان، وأمج أفطر ثم مضى حتى نزل بمر الظّهران في عشرة آلاف من المسلمين.
ولم يتخلف من الأنصار والمهاجرين عنه أحد فلما نزل بمر الظّهران، وقد عميت الأخبار عن قريش، ولا يأتيهم خبر عن رسول الله ( ﷺ )، ولا يدرون ما هو فاعل خرج في تلك اللّيالي أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار وينظرون هل يجدون خبراً أو يسمعون به وقد كان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله ( ﷺ ) ببعض الطريق قال ابن عشام : لقيه بالجحفة مهاجراً بعياله، وقد كان قبل ذلك مقيماً بمكة على سقايته، ورسول الله ( ﷺ ) عنه راض فلما نزل رسول الله ( ﷺ ) مر الظّهران قال العباس بن عبد المطلب ليلتئذ وا صباح قريش، والله لئن دخل رسول الله ( ﷺ ) مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه الهلاك لقريش إلى آخر الدهر.
قال فجلست على بغلة رسول الله ( ﷺ ) البيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك لعلي أجد حاطباً، أو صاحب لبن أو ذا حاجة يدخل مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله ( ﷺ ) ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة قال العباس : فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيراناً قط.
فقال بديل هذه والله نيران خزاعة حمشتها الحرب، فقال أبو سفيان خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها، فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتي، فقال يا أبا الفضل فقلت نعم قال ما لك فداك أبي وأمي قلت : ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله ( ﷺ ) قد جاء بما لا قبل لكم به بعشرة آلاف من المسلمين قال : وما الحيلة قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله ( ﷺ ) فأستأمنه لك فردفني، ورجع صاحباه فخرجت أركض به على بغلة رسول الله ( ﷺ ) كلما مررت بنار من نيران المسلمين ينظرون إليّ، ويقولون عم رسول الله ( ﷺ ) على بغلة رسول الله ( ﷺ ) حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا فقام إليّ فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة، قال أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد، ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله ( ﷺ )، وركضت البغلة فسبقته كما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء قال فاقتحمت عن البغلة سريعاً، فدخلت على رسول الله ( ﷺ )، ودخل عليه عمر فقال : يا رسول الله هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد، ولا عهد فدعني أضرب عنقه قال فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله ( ﷺ ) فأخذت برأسه، وقلت والله لا ينجيك الليلة أحد دوني فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلاً يا عمر.
فوالله ما تصنع هذا إلا أنه رجل من بني عبد مناف، ولو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا، فقال مهلاً يا عباس، فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما ذاك إلا لأني أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله ( ﷺ ) من إسلام الخطاب لو أسلم فقال رسول الله ( ﷺ ) اذهب به


الصفحة التالية
Icon