صفحة رقم ٣٢
بالإنفاق في سبيل الله وبالجهاد فقال تعالى :( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ( يعني فتح مكة في قول أكثر المفسرين وقيل هو صلح الحديبية، والمعنى لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو مع رسول الله ( ﷺ ) قبل فتح مكة مع من أنفق ماله وقاتل بعد الفتح ) أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ( قال الكلبي إن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأنه أول من أسلم وأول من أنفق ماله في سبيل الله وذهب عن رسول الله ( ﷺ ) وقال عبد الله بن مسعود أول من أظهر إسلامه سبع منهم النبي ( ﷺ ) وأبو بكر وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( كنت عند رسول الله ( ﷺ ) وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فقال أنفق ماله على قبل الفتح قال فإن الله عز وجل يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط فقال رسول الله ( ﷺ ) يا أبا بكر إن الله يقرئك السلام ويقول لك أراض أنت في فقرك هذا أم ساخط فقال أبو بكر أأسخط على ربي إني على ربي راض إني على ربي راض ) )
الحديد :( ١١ - ١٣ ) من ذا الذي...
" من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " ( ) من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً ( أي صادقاً محتسباً بالصدقة طيبة بها نفسه وسمي هذا الإنفاق قرضاً من حيث إنه وعد به الجنة تشبيهاً بالقرض قال بعض العلماء القرض لا يكون حسناً حتى تجمع فيه أوصاف عشرة وهي أن يكون المال من الحلال وأن يكون من أجود المال وأن تتصدق به وأنت محتاج إليه وأن تصرف صدقتك إلى الأحوج إليها وأن تكتم الصدقة ما أمكنك وأن لا تتبعها بالمن والأذى وأن تقصد بها وجه الله ولا ترائي بها الناس وأن تستحقر ما تعطي وتتصدق به وإن كان كثيراً وأن يكون من أحب أموالك إليك وأن لا ترى عز نفسك وذل الفقير فهذه عشرة أوصاف إذا اجتمعت في الصدقة كانت قرضاً حسناً، ) فيضاعفه له ( يعني يعطيه أجره على إنفاقه مضاعفاً، ) وله أجر كريم ( يعني وذلك الأجر كريم في نفسه.
قوله عز وجل :( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات ( يعني على الصراط ) يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ( أي عن أيمانهم وقيل أراد جميع الجوانب فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة، وقال قتادة ذكر لنا أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء ودون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه ) وقال عبد الله بن مسعود يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتي نوره كالنخلة ومنهم من يؤتي نوره كالرجل