صفحة رقم ٣٨
وإنما يحمد ويثاب من أطاع بالغيب وقال ابن عباس ينصرونه ولا يبصرونه ) إن الله قوي ( في أمره ) عزيز ( في ملكه.
الحديد :( ٢٦ - ٢٧ ) ولقد أرسلنا نوحا...
" ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون " ( ) ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ( معناه أنه تعالى شرف نوحاً وإبراهيم بالرسالة وجعل في ذريتهما النبوة والكتاب فلا يوجد نبي إلا من نسلهما ) فمنهم ( أي من الذرية ) مهتد وكثير منهم فاسقون ثم قفينا ( أي اتبعنا ) على آثارهم برسلنا ( والمعنى بعثنا رسولاً بعد رسول إلى أن انتهت الرسالة إلى عيسى ابن مريم وهو قوله تعالى :( وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه ( أي على دينه، ) رأفة ورحمة ( يعني أنهم كانوا متوادين بعضهم لبعض، ) ورهبانية ابتدعوها ( ليس هذا عطفاً على ما قبله والمعنى أنهم جاؤوا بها من قبل أنفسهم وهي ترهبهم في الجبال والكهوف والغيران والديرة فروا من الفتنة وحملوا أنفسهم المشاق في العبادة الزائدة وترك النكاح واستعمال الخشن في المطعم والمشرب والملبس مع التقلل من ذلك ) ما كتبناها عليهم ( أي ما فرضناها نحن عليهم ) إلا ابتغاء رضوان الله ( أي لكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ) فما رعوها حق رعايتها ( يعني أنهم يرعوا تلك الرهبانية حق رعايتها بل ضيعوها وضموا إليها التثليث والاتحاد وكفروا بدين عيسى ودخلوا في دين ملوكهم وأقام أناس منهم على دين عيسى حتى أدركوا محمداً ( ﷺ ) فآمنوا به فذلك قوله تعالى :( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ( وهم الذين ثبتوا على الدين الصحيح، ) وكثير منهم فاسقون ( وهم الذين تركوا الرهبانية وكفروا بدين عيسى ( ﷺ ) وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن مسعود قال دخلت على رسول الله ( ﷺ ) فقال يا ابن مسعود ( اختلف من كان قبلكم على اثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرهن : فرقة وازت الملوك وقاتلوهم على دين عيسى فأخذوهم وقتلوهم، وفرقة لم تكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين الله ودين عيسى فساحوا في البلاد وترهبوا وهم الذين قال الله عز وجل فيهم ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) قال ( ﷺ ) ( من


الصفحة التالية
Icon