صفحة رقم ٦٦
لا ينصرون ( يعني بني النضير لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصروهم.
الحشر :( ١٣ - ١٦ ) لأنتم أشد رهبة...
" لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين " ( ) لأنتم ( يعني يا معشر المسلمين ) أشد رهبة في صدورهم من الله ( أصل الرهبة والرهب الخوف الشديد مع حزن واضطراب والمعنى أنهم يرهبون ويخافون منكم أشد من رهبتهم من الله ) ذلك ( أي الخوف منكم ) بأنهم قوم لا يفقهون ( يعني عظمة الله تعالى :( لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة ( أي لا يبرزون لقتالكم إنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى والجدران وهو قوله تعالى :( أو من وراء جدار ( وقرىء جدر ) بأسهم بينهم شديد ( أي بعضهم فظ على بعض أو عداوة بعضهم بعضاً شديدة وقيل بأسهم فيما بينهم من وراء الحيطان والحصون شديد فإذا خرجوا إليكم فهم أجبن خلق الله ) تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ( أي متفرقة مختلفة قال قتادة أهل الباطل مختلفة أهواؤهم مختلفة أعمالهم مختلفة شهاداتهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق وقيل أراد أن دين المنافقين وآراءهم يخالف دين اليهود وآراءهم ) ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ( ثم ضرب لليهود مثلاً فقال تعالى :( كمثل الذين من قبلهم قريباً ( يعني مشركي مكة ) ذاقوا وبال أمرهم ( يعني القتل ببدر وكان ذلك قبل غزوة بني النضير وقال ابن عباس ( كمثل الذين من قبلهم ) يعني بني قينقاع وقيل مثل قريظة كمثل بني النضير وكان بينهما سنتان ) ولهم عذاب أليم ( أي في الآخرة ثم ضرب مثلاً آخر للمنافقين واليهود جميعاً في تخاذلهم وتخلى بعضهم عن بعض فقال تعالى ) كمثل الشيطان ( أي مثل المنافقين مع بني النضير وخذلانهم إياهم كمثل الشيطان ) إذ قال للإنسان اكفر ( وذلك ما روي عن عطاء وغيره عن ابن عباس قال كان راهب في الفترة يقال له برصيصا تعبد في صومعة له سبعين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين وأن إبليس أعياه في أمره الحيل فجمع ذات يوم مردة الشياطين وقال ألا أحد منكم يكفيني أمر برصيصا ؟ فقال الأبيض وهو صاحب الأنبياء وهو الذي تصدى للنبي ( ﷺ ) وجاء في صورة جبريل ليوسوس إليه على وجه الوحي فلحقه جبريل عليه السلام فدفعه إلى أقصى أرض الهند لإبليس أنا أكفيك أمره فانطلق فتزين بزينة الرهبان وحلق وسط رأسه وأتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه وكان لا يفتل عن صلاته إلا في كل عشرة أيام ولا يفطر إلا في كل عشرة أيام مرة فلما رأى الأبيض أنه لا يجيبه أقبل على العبادة في أصل الصومعة فلما انفتل برصيصا من صلاته اطلع من صومعته فرأى الأبيض قائماً يصلي في هيئة حسنة على هيئة الرهبان فلما رأى ذلك من حاله ندم في نفسه أي لام نفسه حين لم يجبه فقال له إنك ناديتني وكنت مشتغلاً عنك فما حاجتك قال الأبيض حاجتي أني جئت لأكون معك فأتأدب بأدبك وأقتبس من عملك ونجتمع على العبادة فتدعو لي وأدعو لك قال برصيصا إني لفي شغل عنك فإن كنت مؤمناً فإن الله سيجعل لك فيما للمؤمنين نصيباً إن استجاب لي ثم أقبل على صلاته وترك الأبيض وأقبل الأبيض يصلي فلم يلتفت إليه برصيصا أربعين يوماً فلما انفتل بعدها رآه قائماً يصلي فلما رأى برصيصا شدة اجتهاد الأبيض قال له ما حاجتك ؟ قال حاجتي أن تأذن لي فأرتفع إليك فأذن له فارتفع إليه