وتسبيحه وذلك في أخلاقهم، وتوكلهم، وشكرهم، وصبرهم فسكنوا إليه، وقلوب العلماء، اطمأنت بالصفات والأسامي والنعوت، فهم يلاحظون ما يظهر بها ومنها على الدهور، وأما الموحدون كالغرقى لا تطمئن قلوبهم بحال وكيف يطمئن بذكر من جهلوه، أم كيف يطمئن بذكر من لم يؤمنهم بل خوفهم وحذرهم. قال إبراهيم الخواص : تفرق الناس في الحالتين، فمن دامت حركته وسعيه، كان موصوفاً بنفسه لغلبات شواهد نفسه عليه، لقوله :! ( وكان الإنسان عجولا ) !. ومن دام سكونه كان موصوفاً بالحق لغلبات شواهد الحق في سكينته لقوله :( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) [ الآية : ٢٨ ]. قال الحسين : من ذكره الحق بخير في أزله، اطمئن إليه في أبده. قال النهرجوري : قلوب الأولياء مواضع المطامع فهي لا تتحرك، ولا تنزعج بل تطمئن خوفاً من أن يرد عليه مفاجأة مطالعه، فيجده مترسماً بسوء الأدب. قال الواسطي : هم فيها على أربعة ضروب، فالأول للعامة، لأنها إذا ذكرته ودعته اطمأنت إلى ذكرها، فحظها منه الإجابة للدعوات، والثانية أطاعته وصدقته ورضيت عنه فهم مربوطون في أماكن الزيادات قد اطمأنت قلوبهم إلى ذلك فكانوا ممزوجي الملاحظة بشواهدهم، ومفسدي الطبائع برؤية طاعاتهم، والثالثة أهل الخصوص الذين عرفوا الأسماء والصفات، وعرفوا ما خاطبهم الله تعالى به فاطمأنت قلوبهم بذكره لها، لا بذكرهم له وبرضاه عنها، لا برضاهم عنه. والرابعة : خصوص الخصوص وهم الذي كشف لهم عن ذاته وعلمهم علم صفاته فأدرج لهم الصفات في الذات وأراهم إنه إنما تعرف إلى الحق بإقرارهم وعلمهم أخطارهم فعلموا أن سرائرهم لا تقدر أن تسكن إليه، ولا يطمئن به. ومن كانت الأشياء في سره كذلك، إذا ما يسكن ويطمئن فلا تجد قلبه، الطمأنينة لقدر المطمئن إليه كلما عادت الزيادة عليه رآها حجاباً لا يستقطع بالبر والنعم لأنها حجاب مستور وهباء

__________


الصفحة التالية
Icon