وذكر عن عطاء أو غيره أنه قال : الحمد لله إقرار المؤمنين بوحدانيته وإقرار الموحدين بفردانيته وإقرار العارفين باستحقاق ربوبيته، فالأول إقرار بالإلهية والثاني إقرار بالربوبية والثالث إقرار بالتعظيم. وقيل الحمد : هو الثناء لله فثناء المؤمنين في قراءة فاتحة الكتاب وثناء المريدين بالذكر في الخلوات وثناء العارفين في الشوق إليه والأنس به. وقال الحسين : ما من نعمة إلا والحمد أفضل منها، والحمد النبي ﷺ والمحمود الله والحامد العبد والحميد حاله التي توصل بالمريد. وقيل أيضاً : الحمد لله رب العالمين عن العالمين قبل العالمين لعلمه بعجز العالمين عن أداء حمد رب العالمين. وقيل هذا رحمة للعالمين بإضافته إياهم إليه أنه ربهم. وقيل في الحمد لله رب العالمين : إن الحمد يكون على السراء والضراء والشكر لا يكون إلا على النعماء. وقيل : الحمد لله يكون لاستغراق الحامد في النعمة والشكر لاستزاده. وقيل في قوله : الحمد لله رب العالمين أي منطق العالمين لحمده. وذكر عن ابن عطاء في قوله الحمد لله رب العالمين أي : مربى أفضل العارفين بنور اليقين والتوفيق وقلوب المؤمنين بالصبر والإخلاص وقلوب المريدين بالصدق والوفاء وقلوب العارفين بالفكرة والعبرة. وقيل : رب العالمين أي هو الذي برأ العالمين بين رحمته الرحمن الرحيم حتى يؤهلهم لتمجيده بقولهم : الحمد لله رب العالمين، أي سبق الحمد مني لنفسي قبل أن يحمدني أحد من العالمين، وحمدي نفسي لنفسي في الأزل لم يكن لعلة، وحمد الخلق إياي مشوب بالعلل، وقيل رب العالمين، أي : ملهم العالمين بحمده وحده. وقيل : لما علم عجز عباده عن حمده حمد نفسه بنفسه في الأزل فاستراح طوق عباده هو محل العجز عن حمده وأنَّى ينازع الحدث القدم، ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله ' لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك '.

__________


الصفحة التالية
Icon