قال بعضهم : المحبة هي موافقة القلوب عند بروز لطائف الجمال. قال أبو يزيد : أحببت الله تعالى حتى أبغضت نفسي، وأبغضت الدنيا حتى أحببت طاعة الله تعالى، وتركت ما دون الله تعالى حتى وصلت إلى الله تعالى، واخترت الخالق على المخلوق، فاشتغل بخدمتي كل مخلوق. سئل الأنطاكي ما علامة المحبة ؟ فقال : أن يكون قليل العبارة دائم التفكر، كثير الخلوة، ظاهر الصمت، لا يبصر إذا نظر ولا يسمع إذا نودي، ولا يحزن إذا أصيب ولا يفرح إذا أصاب ولا يخشى أحداً ولا يرجوه. سئل يحيى بن معاذ عن حقيقة المحبة فقال : الذي لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفوة. قال سهل بن عبد الله : محب الله تعالى على الحقيقة من يكون اقتداؤه في أحواله وأفعاله وأقواله بالنبي ﷺ. قال جعفر رحمه الله في قوله تعالى :! ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ! قيد أسرار الصديقين بمتابعة نبيه ﷺ لكي يعلموا أنهم وإن علت أحوالهم وارتفعت مراتبهم لا يقدرون مجاورته ولا اللحوق به. قال ابن عطاء في هذه الآية : أمر بطلب نور الأدنى من عمى عن نور الأعلى. قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : لا وصول إلى النور الأعلى لمن لا يستدل عليه بالنور الأدنى، ومن لم يجعل السبيل إلى النور الأعلى التمسك بآداب صاحب النور الأدنى ومتابعته ﷺ فقد عمي عن النورين جميعاً فألبس ثوب الإغترار. قال أبو عثمان في قوله تعالى :! ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ) ! قال : صدقوا محبتكم إياي بمتابعة حبيبي، فإنه لا وصول إلى محبتي إلا بتقديم محبته، واتباعه على طريقته، فإن طريقته هي الطريقة المثلى والوصلة إلى الحبيب الأعلى.