الدنيا في الشهوات فهو متحير في الحسبانات. وقال يحيى بن معاذ ! ( اصطفينا من عبادنا ) ! قال : هم أمة محمد حين روى عنه انه قال :' سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له '. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم كثيرا. وقال يحيى : اصطفاهم عن كدورتهم واخلصهم لفهم القرآن والقيام بحدوده. وأيضا : اصطفاهم بالمشاهدة والموافقة ولما اسر إليهم من مجالسته ومؤانسته. قال الواسطي - رحمة الله عليه - : اخرجوا بالفضل وغذوا بالفضل ويريدون الفضل بلا مواساة ولا مكافأة ولا عوض من ذلك. قال قائل : من أهل الحقيقة انه من كرمه لا يقبل إلا كل معيب بحال وقيل : إنه لا يقبل إلا كل مجيب يجيبه لخطابه وهداه لقرائه واشتملت عليه انواره وظهرت عليه آثاره فهو في آثاره يتردد ومن ذلك قوله : أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا اصطفاهم في ازليته وصفاهم عند خلقتهم. وقال جعفر : النفس ظالمة والقلب مقتصد والروح سابق. وقال أيضا : من نظر بنفسه إلى الدنيا فهو ظالم ومن نظر بقلبه إلى الآخرة فهو مقتصد ومن نظر بروحه إلى الحق فهو سابق. وقال محمد بن علي الترمذي : الاصطفائية اوجبت الإرث والاصطفائية جمعت بين الظالم والمقتصد والسابق فالظالم لنفسه على الظاهر سابق في ميدان الاصطفائية لذلك قدمه وأزال العلل عن العطايا فقال :( جنات عدن يدخلونها ). وقال القاسم : الظالم ذاكر والمقتصد متذكر والسابق غير ذاكر ومتذكر لأنه ليس في حد الغفلة والنسيان فيذكر ويتذكر ومعناه : أن الظالم ينساه وقت معصيته فيذكره في وقت توبته والمقتصد يتكلف في ذكره ويجتهد في أن لا ينساه والسابق لا ينساه في وقت فيحتاج أن يذكره. وأنشد القاسم :( أبلغ أخاك أخا الإحسان مخبرة ** أنى وإن كنت لا ألقاه ألقاه )

__________


الصفحة التالية
Icon