قال الواسطي رحمه الله : لا دنيا به، ولا آخر به جذبها الحق إلى قربه، وأكرمها بضيائه ( يكاد زيتها يضيء ) يكاد ضياء روحها يتوقد، ! ( ولو لم تمسسه نار ) ! أي ولو لم يدعه نبي، ولا يسمعه كتاب، ! ( نور على نور ) ! نور الهداية وافق نور الروح، ! ( يهدي الله لنوره من يشاء ) ! لا باجتهاد المجتهدين، وطلب الطالبين وهرب الهاربين. قال الجنيد رحمة الله تعالى في قوله :! ( الله نور السماوات والأرض ) ! قال هو منور قلوب الملائكة حتى سبحوه، وقدسوه، ومنور قلوب الرسل حتى عرفوا حقيقة المعرفة، وعبدوه حقيقة العبودية، وكذلك المؤمنون فقال : أنا منور قلوبكم بالهداية، والمعرفة. وقال الجنيد رحمه الله في قوله :! ( لا شرقية ولا غربية ) ! لا هي مائلة إلى الدنيا، ولا راغبة في الآخرة، فانية الحظ من الأكوان. قال الواسطي رحمه الله في قوله ! ( الله نور السماوات والأرض ) ! قال : ك هاد. قال بعضهم : منور قلوبهم بنور الإيمان مثل القلوب كمشكاة فجعل سويداء قلبه كزجاجة، لا يدخلها شيء وقاه من الضلالة والردى مصانة بالتسديد والهدى فهو منورها بهدايته وموفقها لطاعته. قال أبو علي الجوزجاني :! ( الله نور السماوات والأرض ) ! بدأ بنوره والنور البيان فالله نور السموات، ومن نوره اليقين سراج مضى في قلب المؤمن كما قال الله :! ( مثل نوره ) ! يعني في قلب المؤمن لأن قلب المؤمن منور بالإيمان، فنور قلبه من نور الله بيانا مبينا. فهو ينظر بنور ربه إلى جميع ملكه، فيرى فيها بدائع صنعه، ويرى بنور المعرفة قدرة الله وسلطانه، وأمره، وملكه فيفتح له بذلك النور علم ما في السموات السبع، وما في الأرضين علما يقينا. فيخضع له الملك، ومن فيه، فيجيبه كل شيء على ما يحبه ويهدي مثل ذلك النور كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة فنفس المؤمن بيت، وقلبه مثل قنديل، ومعرفته مثل السراج وفوه مثل الكوة، ولسانه مثل باب الكوة، والقنديل معلق بباب الكوة، إذا افتتح اللسان بما في القلب من الذكر استضاء المصباح من كوته إلى العرش، والزجاجة من التوفيق، وفتائلها من الزهد، ودهنها من الرضا وعلائقها من العقل وهو قوله ! ( نور على نور ) !. قوله تعالى وتقدس :( يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ) [ الآية : ٣٥ ]. يكاد يزهر من قلب المؤمن على لسانه إذا ذكر الله ما بين المشرق والمغرب.