﴿ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ ﴾ [البقرة : ٢٦٣] رد جميل ﴿ وَمَغْفِرَةٌ ﴾ وعفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسؤول، أو ونيل مغفرة من الله بسبب الرد الجميل ﴿ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى ﴾ [البقرة : ٢٦٣] وصح الإخبار عن المبتدأ النكرة لاختصاصه بالصفة ﴿ وَاللَّهُ غَنِىٌّ ﴾ [البقرة : ٢٦٣] لا حاجة له إلى منفق يمن ويؤذي ﴿ حَلِيمٌ ﴾ عن معاجلته بالعقوبة وهذا وعيد له.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٠
ثم أكد ذلك بقوله ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَـاتِكُم بِالْمَنِّ وَالاذَى كَالَّذِى ﴾ الكاف نصب صفة مصدر محذوف والتقدير إبطالاً مثل إبطال الذي ﴿ يُنفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ ﴾ [البقرة : ٢٦٤] أي لا تبطلوا ثواب صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يريد بإنفاقه رضا الله ولا ثواب الآخرة، ورئاء مفعول له ﴿ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ ﴾ مثّله ونفقته التي لا ينتفع بها البتة بحجر أملس عليه تراب ﴿ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ ﴾ [البقرة : ٢٦٤] مطر عظيم القطر ﴿ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ﴾ [البقرة : ٢٦٤] أجرد نقياً من التراب الذي كان عليه ﴿ لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ﴾ [البقرة : ٢٦٤] لا يجدون ثواب شيء مما أنفقوا، أو الكاف في محل النصب على الحال أي لا تطلبوا صدقاتكم مماثلين الذي ينفق.
وإنما قال لا يقدرون بعد قوله كالذي ينفق لأنه أراد بالذي ينفق الجنس أو الفرق الذي ينفق ﴿ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَـافِرِينَ ﴾ [البقرة : ٢٦٤] ما داموا مختارين الكفر.
﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ [البقرة : ٢٦٥] أي وتصديقاً للإسلام وتحقيقاً للجزاء من أصل أنفسهم، لأنه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أن تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ومن إخلاص
٢٠٥
قلبه.
ومن لابتداء الغاية وهو معطوف على المفعول له أي للإبتغاء والتثبيت، والمعنى ومثل نفقة هؤلاء في زكاتها عند الله ﴿ كَمَثَلِ جَنَّة ﴾ [البقرة : ٢٦٥] بستان ﴿ بِرَبْوَةٍ ﴾ مكان مرتفع، وخصها لأن الشجر فيها أزكى وأحسن ثمراً بربوة : عاصم وشامي ﴿ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَاَاتَتْ أُكُلَهَا ﴾ ثمرتها أكلها " : نافع ومكي وأبو عمر و ﴿ ضِعْفَيْنِ ﴾ مثلي ما كانت تثمر قبل بسبب الوابل ﴿ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٠٠