﴿ يَشْعُرُونَ * يَـا أَهْلَ الْكِتَـابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِـاَايَـاتِ اللَّهِ ﴾ بالتوراة والإنجيل، وكفرهم بها أنهم لا يؤمنون بما نطقت به من صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وغيرها ﴿ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ [البقرة : ٨٤] تعترفون بأنها آيات الله أو تكفرون بالقرآن ودلائل نبوة الرسول وأنتم تشهدون نعته في الكتابين، أو تكفرون بآيات الله جميعاً وأنتم تعلمون أنها حق ﴿ تَشْهَدُونَ * يَـا أَهْلَ الْكِتَـابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَـاطِلِ ﴾ تخلطون الإيمان بموسى وعيسى بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ ﴾ [آل عمران : ٧١] نعت محمد عليه السلام ﴿ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٢٢] أنه حق
٢٤٦
﴿ وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٧٢] فيم بينهم ﴿ ءَامِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [آل عمران : ٧٢] أي القرآن ﴿ وَجْهَ النَّهَارِ ﴾ [آل عمران : ٧٢] ظرف أي أوله يعني أظهروا الإيمان بما أنزل على المسلمين في أول النهار ﴿ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ ﴾ [آل عمران : ٧٢] واكفروا به آخره ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران : ٧٢] لعل المسلمين يقولون ما رجعوا وهم أهل كتاب وعلم إلا لأمر قد تبين لهم فيرجعون برجوعكم.
﴿ وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ٧٣] ولا تؤمنوا متعلق بقوله أن يؤتى أحدٌ مّثل ما أوتيتم } وما بينهما اعتراض أي ولا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأهل دينكم دون غيرهم، أرادوا أسروا تصديقكم بأن المسلمين قد أوتوا من كتب الله مثل ما أوتيتم ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وحدهم دون المسلمين لئلا يزيدهم ثباتاً ودون المشركين لئلا يدعوهم إلى الإسلام ﴿ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ﴾ [آل عمران : ٧٣] عطف على أن يؤتى والضمير في يحاجوكم لأحد لأنه في معنى الجمع بمعنى ولا تؤمنوا لغير اتباعكم أن المسلمين يحاجونكم يوم القيامة بالحق ويغالبونكم عند الله بالحجة.
ومعنى الاعتراض أن الهدى هدى الله من شاء هداه حتى أسلم أو ثبت على الإسلام كان ذلك ولم ينفع كيدكم وحيلكم وزيكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين، وكذلك قوله
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٤٦
﴿ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ يريد الهداية والتوفيق، أو يتم الكلام عند قوله إلا لمن تبع دينكم أي ولا تؤمنوا هذا الإيمان الظاهر وهو إيمانهم وجه النهار إلا لمن تبع دينكم إلا لمن كانوا تابعين لدينكم ممن أسلموا منكم، لأن رجوعهم كان أرجى عندهم من رجوع من سواهم.
ومعنى قوله أن يؤتى لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ذلك ودبرتموه لا لشيء آخر يعني أن ما بكم من الحسد والبغي أن يأتي أحد مثل ما أوتيتم من العلم، والكتاب دعاكم إلى أن قلتم ما قلتم، ويدل عليه قراءة ابن كثير آن بالمد والاستفهام يعني الآن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب
٢٤٧
تحسدونهم.
وقوله أو يحاجوكم على هذا معناه دبرتم ما دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو لما يتصل به عند كفركم به من محاجتهم لكم عند ربكم ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ ﴾ [البقرة : ٢٤٧] أي واسع الرحمة ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بالمصلحة ﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ﴾ [البقرة : ١٠٥] بالنبوة أو بالإسلام ﴿ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة : ١٠٥].
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٤٦