عليه ﴿ يَلْوُانَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٧٨] وهو المحرف، ويجوز أن يراد يعطفون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا ذلك الشبه ﴿ مِّنَ الْكِتَـابِ ﴾ [النمل : ٤٠] أي التوراة ﴿ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٧٨] وليس هو من التوراة ﴿ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ٧٨] تأكيد لقوله وما هو من الكتاب وزيادة تشنيع عليهم ﴿ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران : ٧٨] أنهم كاذبون ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَـابَ ﴾ [آل عمران : ٧٩] تكذيب لمن اعتقد عبادة عيسى عليه السلام.
وقيل : قال رجل : يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال :" لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله "
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٤٦
﴿ وَالْحُكْمَ ﴾ والحكمة وهي السنة أو فصل القضاء ﴿ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ ﴾ [آل عمران : ٧٩] عطف على يؤتيه ﴿ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـاكِن كُونُوا رَبَّـانِيِّـانَ ﴾ [آل عمران : ٧٩] ولكن يقول : كونوا ربانيين.
والرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون وهو شديد التمسك بدين الله وطاعته.
وحين مات ابن عباس قال ابن الحنفية : مات رباني هذه الأمة.
وعن الحسن : ربانيين علماء فقهاء.
وقيل : علماء معلمين.
وقالوا : الرباني العالم العامل ﴿ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَـابَ ﴾ [آل عمران : ٧٩] كوفي وشامي أي غيركم غيرهم بالتخفيف ﴿ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران : ٧٩] أي تقرأون، والمعنى بسبب كونكم عالمين وبسبب كونكم دارسين للعلم كانت الربانية التي هي قوة التمسك بطاعة الله مسببة عن العلم والدراسة، وكفى به دليلاً على خيبة سعي من جهد نفسه وكد روحه في جمع العلم ثم لم يجعله ذريعة إلى العمل، فكان كمن غرس شجرة حسناء تؤنقه بمنظرها ولا تنفعه بثمرها.
وقيل : معنى تدرسون تدرسونه على الناس كقوله ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ ﴾ [الإسراء : ١٠٦] (الإسراء : ٦٠١) فيكون معناه معنى تدرسون من التدريس كقراءة ابن جبير.
٢٥٠
﴿ وَلا يَأْمُرَكُمْ ﴾ [آل عمران : ٨٠] بالنصب عطفاً على ثم يقول ووجهه أن تجعل " لا " مزيدة لتأكيد معنى النفي في قوله ما كان لبشر والمعنى ما كان لبشر أن يستنبئه الله وينصبه للدعاء إلى اختصاص الله بالعبادة وترك الأنداد ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم ﴿ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَـائكَةَ وَالنَّبِيِّـانَ أَرْبَابًا ﴾ [آل عمران : ٨٠] كما تقول " ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي " وبالرفع حجازي وأبو عمرو وعليّ على ابتداء الكلام، والهمزة في ﴿ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ ﴾ [آل عمران : ٨٠] للإنكار والضمير في لا يأمركم وأيأمركم للبشر أو لله.
وقوله ﴿ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران : ٨٠] يدل على أن المخاطبين كانوا مسلمين وهم الذين استأذنوه أن يسجدوا له ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَـاقَ النَّبِيِّـانَ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٤٦