والدعاء إلى الخير عام في التكاليف من الأفعال والتروك وما عطف عليه خاص.
ومن للتبعيض لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، ولأنه لا يصلح له إلا من علم بالمعروف والمنكر وعلم كيف يرتب الأمر في إقامته فإنه يبدأ بالسهل فإن لم ينفع ترقى إلى الصعب قال الله تعالى :﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ [الحجرات : ٩].
ثم قال :﴿ فَقَـاتِلُوا ﴾ (الحجرات : ٩).
أو للتبيين أي وكونوا أمة تأمرون كقوله تعالى :﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [آل عمران : ١١٠] ﴿ وَأُوالَـائكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة : ٥] أي هم الأخصاء بالفلاح الكامل قال عليه السلام من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه } وعن علي رضي الله عنه : أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران : ١٠٥] بالعداوة ﴿ وَاخْتَلَفُوا ﴾ في الديانة وهم اليهود والنصارى فإنهم اختلفوا وكفر بعضهم بعضاً ﴿ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـاتُ ﴾ [آل عمران : ١٠٥] الموجبة للاتفاق على كلمة واحدة وهي كلمة الحق ﴿ وَأُوالَـائِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران : ١٠٥] ونصب ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران : ١٠٦] أي وجوه المؤمنين بالظرف وهو لهم أو بعظيم أو باذكروا ﴿ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران : ١٠٦] أي وجوه الكافرين.
والبياض من النور والسواد من الظلمة ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٠٦] فيقال لهم ﴿ أَكْفَرْتُم ﴾ فحذف الفاء، والقول جميعاً للعلم به والهمزة للتوبيخ والتعجب من حالهم
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٥٩
﴿ بَعْدَ إِيمَـانِكُمْ ﴾ [التوبة : ٦٦] يوم الميثاق فيكون المراد به جميع الكفار وهو قول أبي وهو الظاهر، أو هم المرتدون أو المنافقون أي أكفرتم باطناً بعد إيمانكم ظاهراً، أو أهل الكتاب، وكفرهم بعد الإيمان تكذيبهم برسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد اعترافهم به قبل مجيئه
٢٦٢
﴿ اللَّهِ ﴾ ففي نعمته وهي الثواب المخلد.
ثم استأنف فقال ﴿ هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ ﴾ [البقرة : ٣٩] لا يظعنون عنها ولا يموتون.
﴿ تِلْكَ ءَايَـاتُ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ٢٥٢] الواردة في الوعد والوعيد وغير ذلك ﴿ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ ﴾ [الجاثية : ٦] ملتبسة ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ والعدل من جزاء المحسن والمسيء ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَـالَمِينَ ﴾ [آل عمران : ١٠٨] أي لا يشاء أن يظلم هو عباده فيأخذ أحداً بغير جرم، أو يزيد في عقاب مجرم، أو ينقص من ثواب محسن ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الامُورُ ﴾ [آل عمران : ١٠٩] فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
ترجع.
شامي وحمزة وعلي.
كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماضٍ على سبيل الإبهام، ولا دليل فيه على عدم سابق ولا على انقطاع طارىء ومنه قوله.
﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ﴾ [آل عمران : ١١٠] كأنه قيل : وجدتم خير أمة أو كنتم في علم الله أو في اللوح خير أمة، أو كنتم في الأمم قبلكم مذكورين بأنكم خير أمة موصوفين به ﴿ أُخْرِجَتْ ﴾ أظهرت ﴿ لِلنَّاسِ ﴾ اللام يتعلق بـ " أخرجت " ﴿ تَأْمُرُونَ ﴾ كلام مستأنف بين به كونهم خير أمة كما تقول " زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم " بينت بالإطعام والإلباس وجه الكرم فيه ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ بالإيمان وطاعة الرسول ﴿ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾ [آل عمران : ١١٠] عن الكفر وكل محظور ﴿ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١١٠] وتدومون على الإيمان به أو لأن الواو لا تقتضي الترتيب ﴿ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ١١٠] بمحمد عليه السلام ﴿ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ﴾ [محمد : ٢١] لكان الإيمان خيراً لهم مما هم فيه لأنهم إنما آثروا دينهم على دين الإسلام حباً للرياسة واستتباع العوام، ولو آمنوا لكان لهم من الرياسة والاتباع وحظوظ الدنيا ما
٢٦٣
هو خير مما آثروا دين الباطل لأجله، مع الفوز بما وعدوا على الإيمان به من إيتاء الأجر مرتين ﴿ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران : ١١٠] كعبد الله بن سلام وأصحابه ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَـاسِقُونَ ﴾ [آل عمران : ١١٠] المتمردون في الكفر.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٥٩