﴿ وَكَأَيِّن ﴾ أصله أي دخل عليه كاف التشبيه وصارا في معنى كم التي للتكثير.
وكائن بوزن كاع حيث كان : مكي ﴿ مِّن نَّبِىٍّ قَـاتَلَ ﴾ [آل عمران : ١٤٦] قتل : مكي وبصري ونافع.
﴿ مَعَهُ ﴾ حال من الضمير في قتل أي قتل كائناً معه ﴿ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾ [آل عمران : ١٤٦] والربيون الربانيون.
وعن الحسن بضم الراء وعن البعض بفتحها، فالفتح على القياس لأنه منسوب إلى الرب، والضم والكسر من تغييرات النسب ﴿ فَمَا وَهَنُوا ﴾ [آل عمران : ١٤٦] فما فتروا عند قتل نبيهم ﴿ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا ﴾ [آل عمران : ١٤٦] عن الجهاد بعده ﴿ وَمَا اسْتَكَانُوا ﴾ [آل عمران : ١٤٦] وما خضعوا لعدوهم، وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن عند الإرجاف بقتل رسول الله عليه السلام واستكانتهم لهم حيث أرادوا أن يعتضدوا بابن أبي في طلب الأمان من أبي سفيان ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّـابِرِينَ ﴾ [آل عمران : ١٤٦] على جهاد الكافرين.
﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾ [آل عمران : ١٤٧] أي وما كان قولهم إلا هذا القول وهو إضافة الذنوب إلى أنفسهم مع كونهم ربانيين هضماً لها ﴿ وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا ﴾ [آل عمران : ١٤٧] تجاوزنا حد العبودية ﴿ وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾ [البقرة : ٢٥٠] في القتال ﴿ وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـافِرِينَ ﴾ [البقرة : ٢٥٠] بالغلبة.
وقدم الدعاء بالاستغفار من الذنوب على طلب تثبيت الأقدام في مواطن الحرب والنصرة على الأعداء، لأنه أقرب إلى الإجابة لما فيه من الخضوع والاستكانة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٦٩
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٧٩
﴿ فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا ﴾ أي النصرة والظفر والغنيمة ﴿ وَحُسْنَ ثَوَابِ الاخِرَةِ ﴾ [آل عمران : ١٤٨] المغفرة والجنة.
وخص بالحسن دلالة على فضله وتقدمه وأنه هو المعتد به عنده ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران : ١٣٤] أي هم محسنون والله يحبهم.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَـافِرِينَ ﴾ يرجعوكم إلى الشرك ﴿ فَتَنقَلِبُوا خَـاسِرِينَ ﴾ [آل عمران : ١٤٩] قيل : هو عام في جميع الكفار وعلى المؤمنين أن يجانبوهم ولا يطيعوهم في شيء حتى لا يستجروهم إلى
٢٧٩
موافقتهم.
وعن السدي : إن تستكينوا لأبي سفيان وأصحابه وتستأمنوهم يردوكم إلى دينهم.
وقال علي رضي الله عنه : نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَـاـاـكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٠] ناصركم فاستغنوا عن نصرة غيره ﴿ وَهُوَ خَيْرُ النَّـاصِرِينَ ﴾ الرعب شامي وعلي وهما لغتان.
قيل : قذف الله في قلوب المشركين الخوف يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب ولهم القوة والغلبة ﴿ بِمَآ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٥١] بسبب إشراكهم أي كان السبب في إلقاء الله الرعب في قلوبهم إشراكهم به ﴿ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَـانًا ﴾ [آل عمران : ١٥١] آلهة لم ينزل الله بإشراكها حجة، ولم يرد أن هناك حجة إلا أنها لم تنزل عليهم لأن الشرك لا يستقيم أن تقوم عليه حجة، وإنما المراد نفي الحجة ونزولها جميعاً كقوله :
ولا ترى الضب بها ينجحر
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٧٩
أي ليس بها ضب فينجحر، ولم يعن أن بها ضباً ولا ينجحر ﴿ وَمَأْوَاهُمُ ﴾ مرجعهم ﴿ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّـالِمِينَ ﴾ [آل عمران : ١٥١] النار فالمخصوص بالذم محذوف.
ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع أصحابه إلى المدينة قال ناس من أصحابه، من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر؟ فنزل ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ [آل عمران : ١٥٢] أي حقق ﴿ إِذْ تَحُسُّونَهُم ﴾ [آل عمران : ١٥٢] تقتلونهم قتلاً ذريعاً.
وعن ابن عيسى : حسه أبطل حسه بالقتل ﴿ بِإِذْنِهِ ﴾ بأمره وعلمه
٢٨٠


الصفحة التالية
Icon