فنظر الله إليه فغفر له " وقال عليه السلام لا عبادة كالتفكر وقيل ؛ الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكر.
﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـاذَا بَـاطِلا ﴾ [آل عمران : ١٩١] أي يقولون ذلك وهو في محل الحال أي يتفكرون قائلين، والمعنى ما خلقته خلقاً باطلاً بغير حكمة بل خلقته لحكمة عظيمة وهو أن تجعلها مساكن للمكلفين وأدلة لهم على معرفتك، وهذا إشارة إلى الخلق على أن المراد به المخلوق، أو إلى السماوات والأرض لأنها في معنى المخلوق كأنه قيل : ما خلقت هذا المخلوق العجيب باطلاً ﴿ سُبْحَـاـنَكَ ﴾ تنزيهاً لك عن الوصف بخلق الباطل وهو اعتراض ﴿ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران : ١٩١] الفاء دخلت لمعنى الجزاء تقديره إذا نزهناك فقنا.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩٥
﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ﴾ [آل عمران : ١٩٢] أهنته أو أهلكته أو فضحته، واحتج أهل الوعيد بالآية مع قوله :﴿ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ ﴾ (التحريم : ٨).
في أن من يدخل النار لا يكون مؤمناً ويخلد.
قلنا : قال جابر : إخزاء المؤمن تأديبه وإن فوق ذلك لخزياً ﴿ وَمَا لِلظَّـالِمِينَ ﴾ [البقرة : ٢٧٠] اللام إشارة إلى من يدخل النار والمراد الكفار ﴿ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٠
البقرة : ٢٧٠] من أعوان وشفعاء يشفعون لهم كما للمؤمنين ﴿ رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا ﴾ [آل عمران : ١٩٣] تقول : سمعت رجلاً يقول كذا، فتوقع الفعل على الرجل وتحذف المسموع لأنك وصفته بما يسمع فأغناك عن ذكره، ولولا الوصف لم يكن منه بد وأن يقال سمعت كلام فلان.
والمنادي هو الرسول عليه السلام أو القرآن ﴿ يُنَادِى لِلايمَـانِ ﴾ [آل عمران : ١٩٣] لأجل الإيمان بالله، وفيه تفخيم لشأن المنادي إذ لا منادي أعظم من منادٍ ينادي للإيمان ﴿ أَنْ ءَامِنُوا ﴾ [التوبة : ٨٦] بأن آمنوا أو أي آمنوا ﴿ بِرَبِّكُمْ فَاَامَنَّا ﴾ [آل عمران : ١٩٣] قال الشيخ أبو منصور رحمه الله : فيه دليل بطلان الاستثناء في الإيمان ﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾ [آل عمران : ١٩٣] كبائرنا ﴿ وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ﴾ [آل عمران : ١٩٣] صغائرنا
٣٠٠
﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الابْرَارِ ﴾ [آل عمران : ١٩٣] مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم، والأبرار والمتمسكون بالسنة جمع " بر " أو " بار " كـ " رب " وأرباب وصاحب وأصحاب ﴿ رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ﴾ [آل عمران : ١٩٤] أي على تصديق رسلك، أو ما وعدتنا منزلاً على رسلك، أو على ألسنة رسلك، و " على " متعلق بـ وعدتنا والموعود هو الثواب أو النصرة على الأعداء.
وإنما طلبوا إنجاز ما وعد الله والله لا يخلف الميعاد لأن معناه طلب التوفيق فيما يحفظ عليهم أسباب إنجاز الميعاد، أو المراد اجعلنا ممن لهم الوعد إذ الوعد غير مبين لمن هو، أو المراد ثبتنا على ما يوصلنا إلى عدتك يؤيده قوله ﴿ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَـامَةِ ﴾ [آل عمران : ١٩٤] أو هو إظهار للخضوع والضراعة ﴿ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران : ١٩٤] هو مصدر بمعنى الوعد.
﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٩٥] أي أجاب يقال استجاب له واستجابه ﴿ إِنِّى ﴾ بأني ﴿ لا أُضِيعُ عَمَلَ عَـامِلٍ مِّنكُم ﴾ [آل عمران : ١٩٥] منكم صفة لـ عامل ﴿ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٠٠