﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة : ٩٥] بمصالح عباده ﴿ حَكِيمٌ ﴾ فيما شرع لهم ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ٢٧] التكرير للتأكيد والتقرير والتقابل ﴿ وَيُرِيدُ ﴾ الفجرة ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ﴾ [النساء : ٢٧] وهو الميل عن القصد والحق، ولا ميل أعظم منه بمساعدتهم وموافقتهم على اتباع الشهوات.
وقيل : هم اليهود لاستحلالهم الأخوات لأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهن الله قالوا : فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخت والأخ فنزلت.
يقول : يريدون أن تكونوا زناة مثلهم ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ﴾ [النساء : ٢٨] بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص ﴿ وَخُلِقَ الانسَـانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء : ٢٨] لا يصبر على الشهوات وعلى مشاق الطاعات.
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَـاطِلِ ﴾ بما لم تبحه الشريعة من نحو السرقة والخيانة والغصب والقمار وعقود الربا ﴿ إِلا أَن تَكُونَ تِجَـارَةً ﴾ [البقرة : ٢٨٢] إلا أن تقع تجارة.
تجارة : كوفي أي إلا أن تكون التجارة تجارة ﴿ عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ ﴾ [النساء : ٢٩] صفة لـ تجارة أي تجارة صادرة عن تراض بالعقد أو بالتعاطي.
والاستثناء منقطع معناه ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراضٍ، أو ولكن كون تجارة عن تراضٍ غير منهي عنه.
وخص التجارة بالذكر لأن أسباب الرزق أكثرها متعلق بها، والآية تدل على جواز البيع بالتعاطي وعلى جواز البيع الموقوف إذا وجدت الإجازة لوجود الرضا، وعلى نفي خيار المجلس لأن فيها إباحة الاكل بالتجارة عن تراض من غير تقييد بالتفرق عن مكان العقد والتقييد به زيادة عن النص ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ﴾ [النساء : ٢٩] من كان من جنسكم من المؤمنين لأن المؤمنين كنفس واحدة، أو ولا يقتل الرجل نفسه كما يفعله الجهلة، أو معنى القتل أكل الأموال بالباطل فظالم غيره
٣٢٥
كمهلك نفسه، أو لا تتبعوا أهواءها فتقتلوها أو تركبوا ما يوجب القتل ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء : ٢٩] ولرحمته بكم نبهكم على ما فيه صيانة أموالكم وبقاء أبدانكم.
وقيل : معناه أنه أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم ليكون توبة لهم وتمحيصاً لخطاياهم، وكان بكم يا أمة محمد رحيماً حيث لم يكلفكم تلك التكاليف الصعبة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٢
﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَالِكَ ﴾ [النساء : ١١٤] أي القتل أي ومن يقدم على قتل الأنفس ﴿ عُدْوَانًا وَظُلْمًا ﴾ [النساء : ٣٠] لا خطأ ولا قصاصاً وهما مصدران في موضع الحال أو مفعول لهما ﴿ فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ﴾ [النساء : ٣٠] ندخله ناراً مخصوصة شديدة العذاب ﴿ وَكَانَ ذَالِكَ ﴾ [النساء : ٣٠] أي إصلاؤه النار ﴿ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء : ٣٠] سهلاً وهذا الوعيد في حق المستحيل للتخليد، وفي حق غيره لبيان استحقاقه دخول النار مع وعد الله بمغفرته.