﴿ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [الأعراف : ١٠٧] (الأعراف : ٧٠١) ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾ [النمل : ١٠] (النمل : ٠١) ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْـاَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر : ٩٢] (الحجر : ٢٩).
﴿ فَيَوْمَـاـاِذٍ لا يُسْـاَلُ عَن ذَنابِهِ إِنسٌ وَلا جَآنٌّ ﴾ [الرحمن : ٣٩] (الرحمن : ٩٣).
فقد تفصى عنها أهل الحق وستجدها مشروحة في كتابنا هذا في مظانها إن شاء الله تعالى :﴿ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الامْنِ أَوِ الْخَوْفِ ﴾ [النساء : ٨٣] هم ناس من ضعفة المسلمين الذين لم يكن فيهم خبرة بالأحوال، أو المنافقون كانوا إذا بلغهم خبر من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من أمن وسلامة أو خوف وخلل ﴿ أَذَاعُوا بِهِ ﴾ [النساء : ٨٣] أفشوه وكانت إذاعتهم مفسدة.
يقال : أذاع السرع وأذاع به، والضمير يعود إلى الأمر أو إلى الأمن أو الخوف لأن " أو " تقتضي أحدهما ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ ﴾ [النساء : ٨٣] أي ذلك الخبر ﴿ إِلَى الرَّسُولِ ﴾ [المائدة : ٨٣] أي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ وَإِلَى أُوْلِى الامْرِ مِنْهُمْ ﴾ [النساء : ٨٣] يعني كبراء الصحابة البصراء بالأمور أو الذين كانوا يؤمّرون منهم ﴿ لَعَلِمَهُ ﴾ لعلم تدبير ما أخبروا به ﴿ الَّذِينَ يَسْتَنابِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء : ٨٣] يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكائدها، وقيل : كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأولي الأمر على أمن ووثوق بالظهور على بعض الأعداء، أو على خوف واستشعار فيذيعونه فينتشر فيبلغ الأعداء فتعود إذاعتهم مفسدة، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر وفوضوه إليهم وكانوا كأن لم يسمعوا، لعلم الذين يستنبطون
٣٤٩
تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون فيه.
والنبط : الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر، واستنباطه استخراجه فاستعير لما يستخرجه الرجل بفضل ذهنه من المعاني والتدابير فيما يعضل ﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ٨٣] بإرسال الرسول ﴿ وَرَحْمَتُهُ ﴾ بإنزال الكتاب ﴿ اتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَـانَ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٦
النساء : ٨٣] لبقيتم على الكفر ﴿ إِلا قَلِيلا ﴾ [النساء : ٤٦] لم يتبعوه ولكن آمنوا بالعقل كزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعدة وغيرهما.
لما ذكر في الآي قبلها تثبطهم عن القتال وإظهارهم الطاعة وإضمارهم خلافها قال ﴿ فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [النساء : ٨٤] إن أفردوك وتركوك وحدك ﴿ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ ﴾ [النساء : ٨٤] غير نفسك وحدها أن تقدمها إلى الجهاد فإن الله تعالى ناصرك لا الجنود، وقيل : دعا الناس في بدر الصغرى إلى الخروج وكان أبو سفيان واعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم اللقاء فيها فكره بعض الناس أن يخرجوا فنزلت، فخرج وما معه إلا سبعون ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده ﴿ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء : ٨٤] وما عليك في شأنهم إلا التحريض على القتال فحسب لا التعنيف بهم ﴿ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النساء : ٨٤] أي بطشهم وشدتهم وهم قريش وقد كف بأسهم بالرعب فلم يخرجوا.
و " عسى " كلمة مطمعة غير أن أطماع الكريم أعود من إنجاز اللئيم ﴿ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا ﴾ [النساء : ٨٤] من قريش ﴿ وَأَشَدُّ تَنكِيلا ﴾ [النساء : ٨٤] تعذيباً وهو تمييز كبأساً.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٤٦
و ﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَـاعَةً حَسَنَةً ﴾ [النساء : ٨٥] هي الشفاعة في دفع شر أو جلب نفع من جوازها شرعاً ﴿ يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ﴾ [النساء : ٨٥] من ثواب الشفاعة ﴿ وَمَن يَشْفَعْ شَفَـاعَةً سَيِّئَةً ﴾ [النساء : ٨٥] هي خلاف الشفاعة الحسنة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما لها مفسر غيري معناه
٣٥٠
من أمر بالتوحيد وقاتل أهل الكفر وضده السيئة.
وقال الحسن : هو المشي بالصلح وضده النميمة ﴿ يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ﴾ [النساء : ٨٥] نصيب ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتًا ﴾ [النساء : ٨٥] مقتدراً من أقات على الشيء اقتدر عليه، أو حفيظاً من القوت لأنه يمسك النفس ويحفظها.
﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٥٠


الصفحة التالية
Icon