﴿ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ ﴾ [النساء : ٩٢] فعليه صيام شهرين ﴿ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ﴾ [النساء : ٩٢] قبولاً من الله ورحمة منه، من تاب الله عليه إذا قبل توبته يعني شرع ذلك توبة منه، أو فليتب توبة فهي نصب على المصدر ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا ﴾ [النساء : ١٧] بما أمر ﴿ حَكِيمًا ﴾ فيما قدّر.
﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا ﴾ [النساء : ٩٣] حال من ضمير القاتل أي قاصداً قتله لإيمانه وهو كفر أو قتله مستحلاً لقتله وهو كفر أيضاً ﴿ فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَـالِدًا فِيهَا ﴾ أي إن جازاه.
قال عليه السلام " هي جزاؤه إن جازاه " والخلود قد يراد به طول المقام.
وقول المعتزلة بالخروج من الإيمان يخالف قوله تعالى :
٣٥٥
﴿ الْمُتَّقُونَ * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ (البقرة : ٨٧١) :﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ﴾ [النساء : ٩٣] أي انتقم منه وطرده من رحمته ﴿ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء : ٩٣] لارتكابه أمراً عظيماً وخطباً جسيماً.
في الحديث " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرىء مسلم ".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٥٣
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ سرتم في طريق الغزو ﴿ فَتَبَيَّنُوا ﴾ " فتثبتوا " : حمزة وعلي وهما من التفعل بمعنى الاستفعال أي اطلبوا بيان الأمر وثباته ولا تتهوكوا فيه ﴿ وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَـامَ ﴾ [النساء : ٩٤] " السلم " : مدني وشامي وحمزة وهما الاستسلام.
وقيل : الإسلام.
وقيل : التسليم الذي هو تحية أهل الإسلام.
﴿ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [النساء : ٩٤] في موضع النصب بالقول.
وروي أن مرداس بن نهيك أسلم ولم يسلم من قومه غيره، فغزتهم سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فهربوا وبقي مرداس لثقته بإسلامه، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى منعرج من الجبل وصعد فلما تلاحقوا وكبروا كبر ونزل وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم، فقتله أسامة بن زيد واستاق غنمه فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فوجد وجداً شديداً وقال " قتلتموه إرادة ما معه " ثم قرأ الآية على أسامة.
﴿ تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ [النساء : ٩٤] تطلبون الغنيمة التي هي حطام سريع النفاد فهو الذي يدعوكم إلى ترك التثبت وقلة البحث عن حال من تقتلونه.
والعرض : المال، سمي به لسرعة فنائه.
و " تبتغون " حال من ضمير الفاعل في " تقولوا " ﴿ فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ﴾ [النساء : ٩٤] يغنّمكموها تغنيكم عن قتل رجل يظهر الإسلام ويتعوذ به من التعرض له لتأخذوا ماله ﴿ كَذَالِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ ﴾ [النساء : ٩٤] أول ما دخلتم في الإسلام سمعت من أفواهكم كلمة الشهادة فحصنت دماءكم وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم، والكاف في " كذلك "
٣٥٦
خبر " كان " وقد تقدم عليها وعلى اسمها ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء : ٩٤] بالاستقامة والاشتهار بالإيمان فافعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل بكم ﴿ فَتَبَيَّنُوا ﴾ كرر الأمر بالتبين ليؤكد عليهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء : ٩٤] فلا تتهافتوا في القتل وكونوا محترزين محتاطين في ذلك.
﴿ لا يَسْتَوِى الْقَـاعِدُونَ ﴾ [
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٥٣