﴿ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء : ١٢٩] بالغتم في تجري ذلك ﴿ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ﴾ [النساء : ١٢٩] فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمها من غير رضا منها يعني أن اجتناب كل الميل في حد اليسر فلا تفرطوا فيه إن وقع منكم التفريط في العدل كله، وفيه ضرب من التوبيخ.
و " كل " نصب على المصدر لأن له حكم ما يضاف إليه ﴿ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ﴾ [النساء : ١٢٩] وهي التي ليست بذات بعلٍ ولا مطلقة ﴿ وَإِن تُصْلِحُوا ﴾ [النساء : ١٢٩] بينهن ﴿ وَتَتَّقُوا ﴾ الجور ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [النساء : ١٢٩] يغفر لكم ميل قلوبكم
٣٧٠
ويرحمكم فلا يعاقبكم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٦٨
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٧١
﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا ﴾ [النساء : ١٣٠] أي إن لم يصطلح الزوجان على شيء وتفرقا بالخلع أو بتطليقه إياها وإيفائه مهرها ونفقة عدتها ﴿ يُغْنِ اللَّهُ كُلا ﴾ [النساء : ١٣٠] كل واحد منهما ﴿ مِّن سَعَتِهِ ﴾ [النساء : ١٣٠] من غناه أي يرزقه زوجاً خيراً من زوجه وعيشاً أهنأ من عيشه ﴿ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا ﴾ [النساء : ١٣٠] بتحليل النكاح ﴿ حَكِيمًا ﴾ بالإذن في السراح، فالسعة الغنى والقدرة والواسع الغني المقتدر.
ثم بين غناه وقدرته بقوله ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ ﴾ خلقاً والمتملكون عبيده رقا.
﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ ﴾ [النساء : ١٣١] هو اسم للجنس فيتناول الكتب السماوية ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾ عطف على " الذين أوتوا " ﴿ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء : ١٣١] بأن اتقوا أو تكون " أن " المفسرة لأن التوصية في معنى القول، والمعنى أن هذه وصية قديمة ما زال يوصي الله بها عباده ـ ولستم بها مخصوصين ـ لأنهم بالتقوى يسعدون عنده ﴿ وَإِن تَكْفُرُوا ﴾ [النساء : ١٣١] عطف على " اتقوا " لأن المعنى أمرناهم وأمرناكم بالتقوى وقلنا لهم ولكم إن تكفروا ﴿ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا ﴾ عن خلقه وعن عبادتهم ﴿ حَمِيدًا ﴾ مستحقاً لأن يحمد لكثرة نعمه وإن لم يحمده أحد.
وتكرير قوله :" لله ما في السماوات وما في الأرض ".
تقرير لما هو موجب تقواه لأن الخلق لما كان كله له وهو خالقهم ومالكهم فحقه أن يكون مطاعاً في خلقه غير معصي.
وفيه دليل على أن التقوى أصل الخير كله، وقوله :" وإن تكفروا ".
عقيب التقوى دليل على أن المراد الاتقاء عن الشرك ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا ﴾ فاتخذوه وكيلاً ولا تتكلوا على غيره.
ثم خوفهم وبين قدرته بقوله ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ [النساء : ١٣٣] يعدمكم ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ﴾ [النساء : ١٣٣] ويوجد إنساً آخرين مكانكم أو خلقاً آخرين غير الإنس ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَالِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء : ١٣٣] بليغ القدرة
٣٧١
﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا ﴾ [النساء : ١٣٤] كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة ﴿ فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالاخِرَةِ ﴾ [النساء : ١٣٤] فما له يطلب أحدهما دون الآخر والذي يطلبه أخسهما ﴿ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعَا ﴾ [النساء : ١٣٤] للأقوال ﴿ بَصِيرًا ﴾ بالأفعال وهو وعد ووعيد.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٧١


الصفحة التالية
Icon