﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ﴾ [المائدة : ٩٦] مصيدات البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل ﴿ وَطَعَامُهُ ﴾ وما يطعم من صيده.
والمعنى : أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر، وأحل لكم أكل المأكول منه وهو السمك وحده ﴿ مَتَـاعًا لَّكُمْ ﴾ [النازعات : ٣٣] مفعول له أي أحل لكم تمتيعاً لكم ﴿ وَلِلسَّيَّارَةِ ﴾ وللمسافرين.
والمعنى : أحل لكم طعامه تمتيعاً لتنّائكم يأكلونه طرياً ولسيارتكم يتزودونه قديداً كما تزود موسى عليه السلام الحوت في مسيره إلى الخضر.
﴿ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ﴾ [المائدة : ٩٦] ما صيد فيه وهو ما يفرخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كالبط فإنه بري لأنه يتولد في البر والبحر له مرعى كما للناس متجر ﴿ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ﴾ [المائدة : ٩٦] محرمين ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٨٨] في الاصطياد في الحرم أو في الإحرام ﴿ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المائدة : ٩٦].
تبعثون فيجزيكم على أعمالكم.
﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ ﴾ [المائدة : ٩٧] أي صير ﴿ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ﴾ [المائدة : ٩٧] بدل أو عطف بيان ﴿ قِيَـامًا ﴾ مفعول ثانٍ أو " جعل " بمعنى " خلق " و " قياماً " حال ﴿ لِلنَّاسِ ﴾ أي انتعاشاً لهم في أمر دينهم ونهوضاً إلى أغراضهم في معاشهم ومعادهم لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وأنواع منافعهم.
قيل : لو تركوه عاماً لم ينظروا ولم يؤخروا ﴿ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ [المائدة : ٩٧] والشهر الذي يؤدي فيه الحج وهو ذو الحجة لأن في اختصاصه من بين الأشهر بإقامة موسم الحج فيه شأناً قد علمه الله، أو أريد به جنس الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
﴿ وَالْهَدْىَ ﴾ ما يهدى إلى مكة ﴿ وَالْقَلَـائدَ ﴾ والمقلد منه خصوصاً وهو البدن فالثواب فيه أكثر وبهاء الحج معه أظهر ﴿ ذَالِكَ ﴾ إشارة إلى جعل الكعبة قياماً أو إلى ما ذكر من حفظ حرمة الإحرام بترك الصيد وغيره ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾ أي لتعلموا أن الله يعلم مصالح ما في السموات وما في الأرض وكيف لا يعلم وهو بكل شيء عليم
٤٣٧
﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة : ٩٨] لمن استخف بالحرم والإحرام ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ [المائدة : ٩٨] لآثام من عظم المشاعر العظام ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بالجاني الملتجىء إلى البلد الحرام ﴿ مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلَـاغُ ﴾ [المائدة : ٩٩] تشديد في إيجاب القيام بما أمر به، وأن الرسول قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ وقامت عليكم الحجة ولزمتكم الطاعة فلا عذر لكم في التفريط ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [المائدة : ٩٩] فلا يخفى عليه نفاقكم ووفاقكم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٣٧
﴿ قُل لا يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ﴾ [المائدة : ١٠٠] لما أخبر أنه يعلم ما يبدون وما يكتمون ذكر أنه لا يستوي خبيثهم وطيبهم بل يميز بينهما، فيعاقب الخبيث ـ أي الكافر ـ ويثيب الطيب ـ أي المسلم ـ ﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة : ١٠٠] وآثروا الطيب وإن قل على الخبيث وإن كثر.
وقيل : هو عام في حلال المال وحرامه وصالح العمل وطالحه وجيد الناس ورديئهم.
﴿ يَـاأُوْلِي الالْبَـابِ ﴾ [البقرة : ١٩٧] أي العقول الخالصة ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٩] كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلّم عن أشياء امتحاناً فنزل :