الأولى لأن المعنى لا ذلول تثير الأرض أي تقلبها للزراعة وتسقي الحرث على أن الفعلين صفتان لذلول كأنه قيل لا ذلول مثيرة وساقية ﴿ مُسَلَّمَةٌ ﴾ عن العيوب وآثار العمل.
﴿ لا شِيَةَ فِيهَا ﴾ [البقرة : ٧١] لا لمعة في نقبتها من لون آخر سوى الصفرة فهي صفراء كلها حتى قرنها وظلفها، وهي في الأصل مصدر وشاه وشياً وشية إذا خلط بلونه لون آخر.
﴿ قَالُوا الْـاَـانَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة : ٧١] أي بحقيقة وصف البقرة وما بقي إشكال في أمرها، جئت وبابه بغير همز : أبو عمرو ﴿ فَذَبَحُوهَا ﴾ فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف كلها فذبحوها ﴿ وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة : ٧١] لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة في ظهور القاتل، روي أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة فأتى بها الغيضة وقال : اللهم إني استودعتكها لإبني حتى يكبر وكان براً بوالديه.
فشبت البقرة وكانت من أحسن البقر وأسمنه، فساوموها اليتيم وأمه حتى اشتروها بملء مسكها ذهباً وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير، وكانوا طلبوا البقرة الموصوفة أربعين سنة، وهذا البيان من قبيل تقييد المطلق فكان نسخاً والنسخ قبل الفعل جائز وكذا قبل التمكن منه عندنا خلافاً للمعتزلة.
﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا ﴾ [البقرة : ٧٢] بتقدير " واذكروا "، خوطبت الجماعة لوجود القتل فيهم.
﴿ فَادَّارَءاْتُمْ فِيهَا ﴾ [البقرة : ٧٢] فاختلفتم واختصمتم في شأنها لأن المتخاصمين يدرأ بعضهم بعضاً أي يدفع، أو تدافعتم بمعنى طرح قتلها بعضكم على بعض فيدفع المطروح عليه الطارح، أو لأن الطرح في نفسه دفع، وأصاله تدارأتم ثم أرادوا التخفيف فقلبوا التاء دالاً لتصير من جنس الدال التي هي فاء الكلمة ليمكن الإدغام، ثم سكنوا الدال إذ شرط الإدغام أن يكون الأول ساكناً وزيدت همزة الوصل لأنه لا يمكن الابتداء بالساكن، فاداراتم بغير همز : أبو عمر.
﴿ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة : ٧٢] مظهر لا محالة ما كتمتم من أمر القتل لا يتركه مكتوماً، وأعمل مخرج على حكاية ما كان مستقبلاً في وقت التدارؤ، وهذه الجملة اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه وهما ادارأتم.
٩٩
جزء : ١ رقم الصفحة : ٩٧


الصفحة التالية
Icon