﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم ﴾ ولنصيبنكم بذلك إصابة تشبه فعل المختبر لأحوالكم هل تصبرون على ما أنتم عليه من الطاعة أم لا.
﴿ بِشَىْءٍ ﴾ بقليل من كل واحدة من هذه البلايا وطرف منه.
وقلل ليؤذن أن كل بلاء أصاب الإنسان وإن جل ففوقه ما يقل إليهم، ويريهم أن رحمته معهم في كل حال، وأعلمهم بوقوع البلوى قبل وقوعها ليوطنوا نفوسهم عليها.
﴿ مِّنَ الْخَوْفِ ﴾ [البقرة : ١٥٥] خوف الله والعدو ﴿ وَالْجُوعِ ﴾ أي القحط أو صوم شهر رمضان ﴿ وَنَقْصٍ مِّنَ الامْوَالِ ﴾ [البقرة : ١٥٥] بموت المواشي أو الزكاة، وهو عطف على شيء، أو على الخوف أي وشيء من نقص الأموال.
﴿ وَالانفُسِ ﴾ بالقتل والموت.
أو بالمرض والشيب ﴿ وَالثَّمَرَاتِ ﴾ ثمرات الحرث أو موت الأولاد لأن الولد ثمرة
١٣٨
الفؤاد ﴿ وَبَشِّرِ الصَّـابِرِينَ ﴾ [البقرة : ١٥٥] على هذه البلايا أو المسترجعين عند البلايا لأن الاسترجاع تسليم وإذعان وفي الحديث من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه.
وطفيء سراج رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون فقيل : أمصيبة هي؟ قال.
" نعم كل شيء يؤذي المؤمن فهو مصيبة ".
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم أو لكل من يتأتي منه البشارة.
﴿ الَّذِينَ ﴾ نصب صفة للصابرين.
ولا وقف عليه بل يوقف على راجعون.
ومن ابتدأ بـ " الذين " وجعل الخبر أولئك يقف على الصابرين لا على راجعون.
والأول الوجه لأن الذين وما بعده بيان للصابرين.
﴿ إِذَآ أَصَـابَتْهُم مُّصِيبَةٌ ﴾ [النساء : ٦٢] مكروه.
اسم فاعل من أصابته شدة أي لحقته.
ولا وقف على مصيبة لأن ﴿ قَالُوا ﴾ جواب إذا وإذا وجوابها صلة الذين.
﴿ إِنَّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة : ١٥٦] إقرار له بالملك.
﴿ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة : ١٥٦] إقرار على نفوسنا بالهلك.
﴿ أُوالَـائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ﴾ [البقرة : ١٥٧] الصلاة : الحنو والتعطف فوضعت موضع الرأفة، وجمع بينها وبين الرحمة كقوله ﴿ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ﴾ [الحديد : ٢٧] (الحديد : ٧٢) ﴿ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (التوبة : ٧١١).
والمعنى عليهم رأفة بعد رأفة ورحمة بعد رحمة.
﴿ وَأُوالَـائِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ١٥٧] لطريق الصواب حيث استرجعوا وأذعنوا لأمر الله.
قال عمر رضي الله عنه : نعم العدلان ونعم العلاوة أي الصلاة والرحمة والاهتداء.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٣٨
﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ ﴾ [البقرة : ١٥٨] هما علمان للجبلين.
﴿ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٥٨] من أعلام مناسكه ومتعبداته جمع شعيرة وهي العلامة ﴿ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ ﴾ [البقرة : ١٥٨] قصد الكعبة ﴿ أَوِ اعْتَمَرَ ﴾ [البقرة : ١٥٨] زار الكعبة، فالحج : القصد، والاعتمار : الزيارة، ثم غلبا على قصد البيت
١٣٩
وزيارته للنسكين المعروفين وهما في المعاني كالنجم والبيت في الأعيان.
﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة : ١٥٨] فلا إثم عليه ﴿ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة : ١٥٨]، أي يتطوف فأدغم التاء في الطاء.
وأصل الطوف المشي حول الشيء والمراد هنا السعي بينهما.
قيل : كان على الصفا " إساف " وعلى المروة " نائلة " وهما صنمان يروى أنهما كانا رجلاً وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله.
وكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما لأجل فعل الجاهلية فرفع عنهم الجناح بقوله فلا جناح.
وهو دليل على أنه ليس بركن كما قال مالك والشافعي رحمهما الله تعالى.
وكذا قوله
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٣٩


الصفحة التالية
Icon