﴿ قَالُوا يَـا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَـاطِاِينَ ﴾ [يوسف : ٩٧-٧٠] إن ركنك لشديد ﴿ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ﴾ [هود : ٨١] فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل عليه السلام ربه في عقوبتهم فأذن له فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم فأعماهم كما قال الله تعالى فطمسنا أعينهم فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون : النجاء، النجاء فإن في بيت لوط قوماً سحرة ﴿ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ﴾ [هود : ٨١] جملة موضحة للتي قبلها لأنهم إذا كانوا رسل الله لم يصلوا إليه ولم يقدروا على ضرره ﴿ فَأَسْرِ ﴾ فأسر بالوصل حجازي من سرى ﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ﴾ [الحجر : ٦٥] طائفة منه أو نصفه ﴿ وَلا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ﴾ [هود : ٨١] بقلبه إلى ما خلف أو لا ينظر إلى ما وراءه أو لا يتخلف منكم أحد ﴿ إِلا امْرَأَتَكَ ﴾ [هود : ٨١] مستثنى من فأسر بأهلك.
وبالرفع مكي وأبو عمرو على البدل من أحد وفي إخراجها مع أهله روايتان روى أنه أخرجها معهم وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلا هي فلما سمعت هدّة العذاب التفتت وقالت يا قوماه فأدركها حجر فقتلها وروى أنه أمر بأن يخلفها مع قومها فإنّ هواها إليهم فلم يسر بها واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين
﴿ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ ﴾ [هود : ٨١] أي إن الأمر وروي أنه قال لهم متى موعد هلاكهم قالوا :﴿ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ﴾ [هود : ٨١] فقال : أريد أسرع من ذلك فقالوا :﴿ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ﴾ [هود : ٨١] ﴿ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَـالِيَهَا سَافِلَهَا ﴾ [هود : ٨٢] جعل جبريل عليه السلام جناحه في أسفلها أي أسفل قراها ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها عليهم وأتبعوا الحجارة من فوقهم وذلك قوله :﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ﴾ [هود : ٨٢] هي كلمة معربة من سنك كل بدليل قوله حجارة من طين ﴿ مَّنضُودٍ ﴾ نعت لسجيل أي متتابع أو مجموع معد للعذاب
٢٨٦
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨٦
﴿ مُّسَوَّمَةً ﴾ نعت لحجارة أي معلمة للعذاب قيل مكتوب على كل واحد اسم من يرمي به ﴿ عِندَ رَبِّكَ ﴾ [الكهف : ٤٦] في خزائنه أو في حكمه ﴿ وَمَا هِىَ مِنَ الظَّـالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود : ٨٣] بشيء بعيد وفيه وعيد لأهل مكة فإن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهي بعرَض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة أو الضمير للقرى أي هي قريبة من ظالمي مكة يمرون بها في مسايرهم ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ [العنكبوت : ٣٦] هو اسم مدينتهم أو اسم جدهم مدين بن إبراهيم أي وأرسلنا شعيباً إلى ساكني مدين أو إلى بني مدين ﴿ قَالَ يَـاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُهُا وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ ﴾ أي المكيل بالمكيال ﴿ وَالْمِيزَانَ ﴾ والموزون بالميزان ﴿ إِنِّى أَرَاـاكُم بِخَيْرٍ ﴾ [هود : ٨٤] بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف أو أراكم بنعمة من الله حقها أن تقابل بغير ما تفعلون ﴿ وَإِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴾ [هود : ٨٤] مهلك من قوله وأحيط بثمره وأصله من إحاطة العدو والمراد عذاب الاستئصال في الدنيا أو عذاب الآخرة ﴿ مُّحِيطٍ * وَيَـاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ﴾ اتموهما ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾ بالعدل نهوا أولاً عن عين القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ثم ورد الأمر بالإيفاء الذي هو حسن في العقول لزيادة الترغيب فيه وجيء به مقيداً بالقسط أي ليكون الإيفاء على وجه العدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨٧
﴿ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ ﴾ [الأعراف : ٨٥] البخس : النقص كانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء فنهوا عن ذلك ﴿ وَلا تَعْثَوْا فِى الارْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [البقرة : ٦٠] العثي والعيث أشد الفساد نحو السرقة والغارة وقطع السبيل ويجوز أن يجعل البخس والتطفيف عثيا منهم في الأرض ﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ ﴾ [هود : ٨٦] ما يبقى لكم من الحلال بعد التنزه عما هو حرام عليكم
٢٨٧


الصفحة التالية
Icon