متقياً في عنفوان أمره
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١٠
﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ﴾ [يوسف : ٢٣] أي طلبت يوسف أن يواقعها والمراودة مفاعلة من راد يرود إذا جاء وذهب كأن المعنى خادعته عن نفسه أي فعلت فعل المخادع لصاحبه عن الشيء الذي لا يريد أن يخرجه من يده يحتال أن يغلبه عليه ويأخذه منه وهي عبارة عن التحمل لمواقعته إياها ﴿ وَغَلَّقَتِ الابْوَابَ ﴾ [يوسف : ٢٣] وكانت سبعة ﴿ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾ [يوسف : ٢٣] هو اسم لتعال وأقبل وهو مبنى على الفتح هيتُ مكي بناه على الضم هِيتَ مدني وشامي واللام للبيان كأنه قيل لك أقول هذا كما تقول هلم لك ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ [يوسف : ٧٩] أعوذ بالله معاذاً ﴿ إِنَّهُ ﴾ أي إن الشأن والحديث ﴿ رَبِّى ﴾ سيدي ومالكي يريد قطفير ﴿ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ﴾ [يوسف : ٢٣] حين قال لك أكرمي مثواه فما جزاؤه أن أخوته في أهله ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّـالِمُونَ ﴾ [الأنعام : ٢١] الخائبون أو الزناة أو أراد بقوله إنه ربي الله تعالى لأنه مسبب الأسباب ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾ [يوسف : ٢٤] هم عزم ﴿ وَهَمَّ بِهَا ﴾ [يوسف : ٢٤] هم الطباع مع الامتناع قاله الحسن وقال الشيخ أبو منصور رحمه الله وهم بها هم خْطرة ولا صنع للعبد فيما يخطر بالقلب ولا مؤاخذة عليه ولو كان همه كهمها لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين وقيل همَّ بها وشارف أن يهم بها يقال هم بالأمر إذا قصده وعزم عليه وجواب ﴿ لَوْلا أَن رَّءَا بُرْهَـانَ رَبِّهِ ﴾ [يوسف : ٢٤] محذوف أي لكان ما كان وقيل وهمّ بها جوابه ولا يصح لأن جواب لولا لا يتقدم عليها لأنه في حكم الشرط وله صدر الكلام والبرهان الحجة ويجوز أن يكون وهم بها داخلاً في حكم القسم في قوله ولقد همت به ويجوز أن يكون خارجاً ومن حق القارىء إذا قدر خروجه من حكم القسم وجعله كلاماً برأسه أن يقف على به ويبتدىء بقوله وهم بها وفيه أيضاً إشعار بالفرق بين الهمين وفسر همَّ يوسف بأنه حل تكة سراويله وقعد بين شعبها الأربع وهي مستلقية على قفاها وفسر البرهان بأنه سمع صوتاً إياك وإياها مرتين فسمع ثالثاً
٣١١
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١١
أعرض عنها فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضاً على أنملته وهو باطل ويدل على بطلانه قوله هي روادتني عن نفسي ولو كان ذلك منه أيضاً لما برأ نفسه من ذلك وقوله كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ولو كان كذلك لم يكن السوء مصروفاً عنه وقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ولو كان كذلك لخانه بالغيب وقوله ﴿ عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُواءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الَْاـانَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾ ولأنه لو وجد منه ذلك لذكرت توبته واستغفاره كما كان لآدم ونوح وذي النون وداود عليهم السلام وقد سماه الله مخلصاً فعلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام وجاهد نفسه مجاهدة أولى العزم ناظراً في دلائل التحريم حتى استحق من الله الثناء ومحل الكاف في ﴿ كَذَالِكَ ﴾ نصب أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه أو رفع أي الأمر مثل ذلك ﴿ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّواءَ ﴾ [يوسف : ٢٤] خيانة السيد
﴿ وَالْفَحْشَآءَ ﴾ الزنا ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف : ٢٤] بفتح اللام حيث كان مدني وكوفي أي الذين أخلصهم الله لطاعته وبكسرها غيرهم أي الذين أخلصوا دينهم لله ومعنى من عبادنا بعض عبادنا أي هومخلص من جملة المخلصين
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١١