الإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة، والمعنى وما لكم تنكرون عليّ الأمن في موضع
٣١
الأمن ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف ﴿ فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ [الأنعام : ٨١] أي فريقي الموحدين والمشركين ﴿ أَحَقُّ بِالامْنِ ﴾ [الأنعام : ٨١] من العذاب ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٤] ولم يقل " فأينا " احترازاً من تزكية نفسه، ثم استأنف الجواب عن السؤال بقوله ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَـانَهُم بِظُلْمٍ ﴾ [الأنعام : ٨٢] بشرك عن الصديق رضي الله عنه ﴿ أؤلئك لَهُمُ الامْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام : ٨٢] تم كلام إبراهيم عليه السلام.
٣٢
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ﴾ [الأنعام : ٨٣] إشارة إلى جميع ما احتج به إبراهيم عليه السلام على قومه من قوله ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ ﴾ [الأنعام : ٧٦] إلى قوله ﴿ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام : ٨٢] ﴿ ءَاتَيْنَـاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [الأنعام : ٨٣] وهو خبر بعد خبر ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَـاتٍ مَّن نَّشَآءُ ﴾ [الأنعام : ٨٣] في العلم والحكمة وبالتنوين كوفي وفيه نقض قول المعتزلة في الأصلح ﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ ﴾ [الأنعام : ٨٣] بالرفع ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بالأهل.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ ﴾ [الأنعام : ٨٤] لإبراهيم ﴿ إِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا ﴾ [الأنعام : ٨٤] أي كلهم وانتصب ﴿ كَلا ﴾ بـ ﴿ هَدَيْنَا ﴾ ﴿ وَنُوحًا هَدَيْنَا ﴾ [الأنعام : ٨٤] أي وهدينا نوحاً ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل إبراهيم ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ ﴾ [الأنعام : ٨٤] الضمير لنوح أو لإبراهيم، والأوّل أظهر لأن يونس ولوطاً لم يكونا من ذرية إبراهيم ﴿ دَاوُادَ وَسُلَيْمَـانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَـارُونَ ﴾ والتقدير : وهدينا من ذريته هؤلاء ﴿ وَكَذَالِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأنعام : ٨٤] ونجزي المحسنين جزاء مثل ذلك، فالكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف ﴿ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ ﴾ [الأنعام : ٨٥] أي كلهم ﴿ مِّنَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [آل عمران : ٣٩] وذكر عيسى معهم دليل على أن النسب يثبت من قبل الأم أيضاً لأنه جعله من ذرية نوح عليه السلام وهو لا يتصل به إلا بالأم، وبذا أجيب الحجاج حين أنكر أن يكون بنو فاطمة أولاد النبي عليه السلام ﴿ وَإِسْمَـاعِيلَ وَالْيَسَعَ ﴾ [الأنعام : ٨٦] حيث كان بلامين : حمزة وعلي ﴿ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَـالَمِينَ ﴾ [الأنعام : ٨٦] بالنبوة والرسالة ﴿ وَمِنْ ءَابَآ ـاِهِمْ ﴾ [الأنعام : ٨٧] في موضع النصب عطفاً علىء ﴿ كَلا ﴾ أي وفضلنا بعض آبائهم ﴿ وَذُرِّيَّـاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ﴾ أي ما دان به هؤلاء المذكورون ﴿ هُدَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ٧٣] دين الله ﴿ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [الأنعام : ٨٨] فيه نقض قول المعتزلة لأنهم يقولون إن الله شاء هداية الخلق كلهم لكنهم لم يهتدوا ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا ﴾ [الأنعام : ٨٨] مع فضلهم وتقدمهم وما رفع لهم من الدرجات العلى ﴿ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام : ٨٨] لبطلت أعمالهم كما قال لئن أشركت ليحبطن عملك.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣


الصفحة التالية
Icon