حسدتموهم على باب عمر لما أعد الله لهم في الجنة أكثر ﴿ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ ﴾ [الإسراء : ٢٢] الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلّم والمراد به أمته ﴿ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولا ﴾ [الإسراء : ٢٢] فتصير جامعاً على نفسك الذم والخذلان وقيل مشتوماً بالإهانة محروماً عن الإعانة إذ الخذلان ضد النصر والعون.
دليله قوله تعالى : إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده.
حيث ذكر الخذلان بمقابلة النصر ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ ﴾ [الإسراء : ٢٣] وأمر أمراً مقطوعاً به ﴿ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف : ٤٠] أن مفسرة ولا تعبدوا نهى أو بأن لا تعبدوا ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَـانًا ﴾ [الإسراء : ٢٣] وأحسنوا بالوالدين إحساناً أو أن تحسنوا بالوالدين إحساناً ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ ﴾ [الإسراء : ٢٣] إما هي أن الشرطية زيد عليها ما تأكيداً لها ولذا دخلت النون المؤكدة في الفعل ولو أفردت إن لم يصح دخولها لا تقول إن تكرمن زيداً يكرمك ولكن إما تكرمنه ﴿ أَحَدُهُمَآ ﴾ فاعل يبلغن وهو في قراءة حمزة وعليّ يبلغان بدل من ألف الضمير الراجع إلى الوالدين ﴿ أَوْ كِلاهُمَا ﴾ [الإسراء : ٢٣] عطف على أحدهما فاعلاً وبدلاً ﴿ فَلا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ﴾ [الإسراء : ٢٣] مدني وحفص.
أفَّ مكي وشامي.
أفُّ غيرهم وهو صوت يدل على تضجر فالكسر على أصل التقاء الساكنين والفتح للتخفيف والتنوين لإرادة التنكير أي أتضجر تضجراً وتركه لقصد التعريف أي أتضجر التضجر المعلوم ﴿ وَلا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء : ٢٣] ولا تزجرهما عما يتعاطيانه مما لا يعجبك والنهي والنهر أخوان ﴿ وَقُل لَّهُمَا ﴾ [الإسراء : ٢٣] بدل التأفيف والنهر ﴿ قَوْلا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء : ٢٣] جميلاً ليناً كما يقتضيه حسنِ الأدب أو هو أن يقول يا أبتاه يا أماه ولا يدعوهما بأسمائهما فإنه من الجفاء ولا بأس به في غير وجهه كما قالت عائشة رضي الله عنها : نحلني أبو بكر كذا، وفائدة عندك إنهما إذا صارا كلاً على ولدهما ولا كافل لهما غيره فهما عنده في بيته وكنفه وذلك أشق عليه فهو مأمور بأن يستعمل معهما لين الخلق حتى لا يقول لهما إذا أضجره ما يستقذر منهما أف فضلاً
٤٤٩
عما يزيد عليه، ولقد بالغ سبحانه في التوصية بهما حيث افتتحها بأن شفع الإحسان إليهما بتوحيده ثم ضيق الأمر في مراعاتهما حتى لم يرخص في أدنى كلمة تنفلت من المتضجر مع موجبات الضجر ومع أحوال لا يكاد يصبر الإنسان معها
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٨