ملتبساً بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كل خير أو ما أنزلناه من السماء إلا بالحق محفظاً بالرصد من الملائكة وما نزل على الرسول إلا محفوظاً بهم من تخليط الشياطين.
قال الراوي : اشتكى محمد بن السماك فأخذنا ماءه وذهبنا به إلى طبيب نصراني فاستقبلنا رجل حسن الوجه طيب الرائحة نقي الثوب فقال لنا : إلى أين؟ فقلنا له : إلى فلان الطبيب نريه ماء ابن السماك فقال : سبحان الله تستعينون على ولي الله بعدو الله اضربوه على الأرض وارجعوا إلى ابن السماك وقولوا له ضع يدك على موضع الوجع وقل : وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ثم غاب عنا فلم نره فرجعنا إلى ابن السماك فأخبرناه بذلك فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل وعوفي في الوقت وقال كان ذلك الخضر عليه السلام ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا مُبَشِّرًا ﴾ [الإسراء : ١٠٥] بالجنة ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ من النار
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٧
﴿ وَقُرْءَانًا ﴾ منصوب بفعل يفسره ﴿ فَرَقْنَـاهُ ﴾ أي فصلناه أو فرقنا فيه الحق من الباطل ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ [الإسراء : ١٠٦] على تؤدة وتثبت ﴿ وَنَزَّلْنَـاهُ تَنزِيلا ﴾ [الإسراء : ١٠٦] على حسب الحوادث ﴿ قُلْ ءَامِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا ﴾ [الإسراء : ١٠٧] أي اختاروا لأنفسكم النعيم المقيم أو العذاب الأليم ثم علل بقوله :﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ ﴾ [الإسراء : ١٠٧] أي التوراة من قبل القرآن ﴿ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [الإسراء : ١٠٧] القرآن ﴿ يَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ [الإسراء : ١٠٧] حال ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَـانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا ﴾ [الإسراء : ١٠٨] لقوله آمنوا به أو لا تؤمنوا أي أعرض عنهم فإنهم إن لم يؤمنوا به ولم يصدقوا بالقرآن فإن خيراً منهم وهم العلماء الذين قرؤوا الكتب قد آمنوا به وصدقوه فإذا تلى عليهم خروا سجداً وسبحوا الله تعظيماً لأمره ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشر به من بعثة محمد
٤٧٨
صلى الله عليه وسلّم وإنزال القرآن عليه وهو المراد بالوعد المذكور.
إن بمعنى إنه وهي تؤكد الفعل كما أن إن تؤكد الاسم وكما أكدت إن باللام في إنهم لمحضرون أكدت إن باللام في لمفعولا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٨
﴿ وَيَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ يَبْكُونَ ﴾ [الإسراء : ١٠٩] ومعنى الخرور للذقن السقوط على الوجه وإنما خص الذقن لأن أقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض عند السجود الذقن يقال : خر على وجهه وعلى ذقنه وخر لوجهه ولذقنه أما معنى على فظاهر وأما معنى اللام فكأنه جعل ذقنه ووجهه للخرور واختصه به إذ اللام للاختصاص وكرر يخرون للأذقان لاختلاف الحالين وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين وخرورهم في حال كونهم باكين ﴿ وَيَزِيدُهُمْ ﴾ القرآن ﴿ خُشُوعًا ﴾ لين قلب ورطوبة عين ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـانَ ﴾ [الإسراء : ١١٠] لما سمعه أبو جهل يقول يا الله يا رحمن قال : إنه نهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهاً آخر فنزلت وقيل : إن أهل الكتاب قالوا : إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم فنزلت والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء وأو للتخيير أي سموا بهذا الاسم أو بهذا أو اذكروا إما هذا وإما هذا والتنوين في ﴿ أَيًّا مَّا تَدْعُوا ﴾ [الإسراء : ١١٠] عوض من المضاف إليه وما زيدت للتوكيد وأياً نصب بتدعوا وهو مجزوم بأي أي أي هذين الاسمين ذكرتم وسميتم ﴿ فَلَهُ الاسْمَآءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء : ١١٠] والضمير في فله يرجع إلى ذات الله تعالى والفاء لأنه جواب الشرط أي أيَّاماً تدعوا فهو حسن فوضع موضعه قوله : فله الأسماء الحسنى لأنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان لأنهما منها ومعنى كونها أحسن الأسماء إنها مستقلة بمعاني التمجيد والتقديس والتعظيم ﴿ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ﴾ [الإسراء : ١١٠] بقراءة صلاتك على حذف المضاف لأنه لا يلبس إذ الجهر والمخافتة
٤٧٩


الصفحة التالية
Icon