كقوله ﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاهَآ أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء : ٩٥] (الأنبياء : ٥٩).
﴿ لا تُؤْمِنُونَ ﴾ [الحديد : ٨] شامي وحمزة.
﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْـاِدَتَهُمْ ﴾ [الأنعام : ١١٠] عن قبول الحق ﴿ وَأَبْصَـارِهِمْ ﴾ عن رؤية الحق عند نزول الآية التي اقترحوها فلا يؤمنون بها.
قيل : هو عطف على ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة : ٦] داخل في حكم ﴿ وَمَا يُشْعِرُكُمْ ﴾ [الأنعام : ١٠٩] أي وما يشعركم أنهم لا يؤمنون وما يشعركم أنا نقلب أفئدتهم وأبصارهم فلا يفقهون ولا يبصرون الحق ﴿ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام : ١١٠] كما كانوا عند نزول آياتنا أولا لا يؤمنون بها ﴿ وَنَذَرُهُمْ فِى طُغْيَـانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام : ١١٠] قيل : وما يشعركم أنا نذرهم في طغيانهم يعمهون ويتحيرون.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١
﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلَـائكَةَ ﴾ [الأنعام : ١١١] كما قالوا : لولا أنزل علينا الملائكة ﴿ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى ﴾ [الأنعام : ١١١] كما قالوا فأتوا بآبائنا ﴿ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ [الأنعام : ١١١] جمعنا ﴿ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلا ﴾ [الأنعام : ١١١] كفلاء بصحة ما بشرنا به وأنذرنا جمع قبيل وهو الكفيل ﴿ قُبُلا ﴾ مدني وشامي أي عياناً وكلاهما نصب على الحال ﴿ مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام : ١١١] إيمانهم فيؤمنوا وهذا جواب لقول المؤمنين لعلهم يؤمنون بنزول الآية ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾ [الأنعام : ١١١] أي هؤلاء لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية المقترحة.
﴿ وَكَذَالِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا ﴾ [الأنعام : ١١٢] وكما جعلنا لك أعداء من المشركين جعلنا لمن تقدمك من الأنبياء أعداء لما فيه من الابتلاء الذي هو سبب ظهور الثبات والصبر وكثرة الثواب والأجر وانتصب ﴿ شَيَـاطِينَ الانسِ وَالْجِنِّ ﴾ [الأنعام : ١١٢] على البدل من ﴿ عَدُوًّا ﴾ أو على أنه من المفعول الأول و ﴿ عَدُوًّا ﴾ مفعول ثانٍ ﴿ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ [الأنعام : ١١٢] يوسوس شياطين الجن إلى شياطين الإنس، وكذلك بعض الجن إلى بعض، وبعض
٤٣
الإنس إلى بعض، وعن مالك بن دينار : إن شيطان الإنس أشد عليّ من شيطان الجن لأني إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن عني وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.
وقال عليه السلام " قرناء السوء شر من شياطين الجن " ﴿ زُخْرُفَ الْقَوْلِ ﴾ [الأنعام : ١١٢] ما زينوه من القول والوسوسة والإغراء على المعاصي ﴿ غُرُورًا ﴾ خدعاً وأخذاً على غرة وهو مفعول له ﴿ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام : ١١٢] أي الإيحاء يعني ولو شاء الله لمنع الشياطين من الوسوسة ولكنه امتحن بما يعلم أنه أجزل في الثواب ﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١
الأنعام : ١١٢] عليك وعلى الله فإن الله يخزيهم وينصرك ويجزيهم ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْـاِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِ ﴾ [الأنعام : ١١٣] ولتميل إلى زخرف القول قلوب الكفار وهي معطوفة على ﴿ غُرُورًا ﴾ أي ليغروا ولتصغي إليه ﴿ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾ لأنفسهم ﴿ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴾ من الآثام ﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِى حَكَمًا ﴾ [الأنعام : ١١٤] أي قل يا محمد أفغير الله أطلب حاكماً يحكم بيني وبينكم ويفصل المحق منا من المبطل ﴿ وَهُوَ الَّذِى أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَـابَ ﴾ [الأنعام : ١١٤] المعجز ﴿ مُفَصَّلا ﴾ حال من الكتاب أي مبيناً فيه الفصل بين الحق والباطل والشهادة لي بالصدق وعليكم بالافتراء.
ثم عضد الدلالة على أن القرآن حق بعلم أهل الكتاب أنه حق لتصديقه ما عندهم وموافقته له بقوله ﴿ وَالَّذِينَ ءَاتَيْنَـاهُمُ الْكِتَـابَ ﴾ [الأنعام : ١١٤] أي عبد الله بن سلام وأصحابه ﴿ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ ﴾ [الأنعام : ١١٤] شامي وحفص ﴿ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [الأنعام : ١١٤] الشاكين فيه أيها السامع، أو فلا تكونن من الممترين في أن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل بالحق ولا يربك جحود أكثرهم وكفرهم به.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١


الصفحة التالية
Icon