﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] إلا بالخصلة التي هي أحسن وهي حفظه وتثميره ﴿ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الإسراء : ٣٤] أشده مبلغ حلمه فادفعوه إليه وواحده شد كفلس وأفلس ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] بالسوية والعدل ﴿ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ﴾ [الأنعام : ١٥٢] إلا ما يسعها ولا تعجز عنه، وإنما أتبع الأمر بإيفاء الكيل والميزان ذلك لأن مراعاة الحد من القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان مما فيه حرج فأمر ببلوغ الوسع وأن ما وراءه معفو عنه ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ [الأنعام : ١٥٢] فاصدقوا ﴿ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [فاطر : ١٨] ولو كان المقول له أو عليه في شهادة أو غيرها من أهل قرابة القائل كقوله ﴿ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالاقْرَبِينَ ﴾ [النساء : ١٣٥] (النساء : ٥٣١) ﴿ وَبِعَهْدِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] يوم الميثاق أو في الأمر والنهي والوعد والوعيد والنذر واليمين ﴿ أَوْفُوا ذَالِكُمْ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] أي ما مر ﴿ وَصَّـاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] بالتخفيف حيث كان : حمزة وعلي وحفص على حذف إحدى التاءين.
غيرهم بالتشديد أصله " تتذكرون " فأدغم التاء الثانية في الذال أي أمركم به لتتعظوا.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٨
﴿ وَأَنَّ هَـاذَا صِرَاطِي ﴾ [الأنعام : ١٥٣] ولأن هذا صراطي فهو علة الاتباع بتقدير اللام، ﴿ وَأَنْ ﴾ بالتخفيف شامي، وأصله وأنه على أن الهاء ضمير الشأن والحديث.
﴿ وَأَنْ ﴾ على الابتداء : حمزة وعلي ﴿ مُّسْتَقِيمًا ﴾ حال ﴿ فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ﴾ [الأنعام : ١٥٣] الطرق المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر البدع والضلالات ﴿ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام : ١٥٣] فتفرقكم أيادي سبأ عن صراط الله المستقيم وهو دين الإسلام.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خط خطاً مستوياً ثم قال " هذا سبيل الرشد وصراط الله فاتبعوه " ثم خط على كل جانب ستة خطوط ممالة ثم قال " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه فاجتنبوها " وتلا هذه الآية.
ثم يصير كل واحد من الاثني عشر طريقاً ستة طرق فتكون اثنين
٦٠
وسبعين، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب.
وعن كعب : إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة ﴿ ذَالِكُمْ وَصَّـاـاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٣] لتكونوا على رجاء إصابة التقوى.
ذكر أولاً ﴿ تَعْقِلُونَ ﴾ ثم ﴿ تَذَكَّرُونَ ﴾ ثم ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ لأنهم إذا عقلوا تفكروا ثم تذكروا أي اتعظوا فاتقوا المحارم ﴿ ثُمَّ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَـابَ تَمَامًا ﴾ [الأنعام : ١٥٤] أي ثم أخبركم إنا آتينا أو هو عطف على ﴿ قُلْ ﴾ أي ثم قل آتينا، و " ثم " مع الجملة تأتي بمعنى الواو كقوله ﴿ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ ﴾ [يونس : ٤٦] (يونس : ٦٤) ﴿ عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ ﴾ [الأنعام : ١٥٤] على من كان محسناً صالحاً يريد جنس المحسنين دليله قراءة عبد الله ﴿ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ أو أراد به موسى عليه السلام أي تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ في كل ما أمر به ﴿ وَتَفْصِيلا لِّكُلِّ شَىْءٍ ﴾ [الأعراف : ١٤٥] وبياناً مفصلاً لكل ما يحتاجون إليه في دينهم ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم ﴾ [الأنعام : ١٥٤] أي بني إسرائيل ﴿ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٤] يصدقون أي بالبعث والحساب وبالرؤية.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٨