والنصارى وفي الحديث " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية وإلا واحدة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي السواد الأعظم " وفي رواية " وهي ما أنا عليه وأصحابي " وقيل : فرقوا دينهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض.
﴿ لَهُمْ دِينَهُمُ ﴾ حمزة وعلي أي تركوا ﴿ وَكَانُوا شِيَعًا ﴾ [الروم : ٣٢] فرقاً كل فرقة تشيع إماماً لها ﴿ لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ ﴾ [الأنعام : ١٥٩] أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم أو من عقابهم ﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ فيجازيهم على ذلك ﴿ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام : ١٦٠] تقديره عشر حسنات أمثالها إلا أنه أقيم صفة الجنس المميزة مقام الموصوف ﴿ وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام : ١٦٠] بنقص الثواب وزيادة العقاب ﴿ قُلْ إِنَّنِى هَدَاـانِى رَبِّى ﴾ ﴿ رَبِّى ﴾ أبو عمرو ومدني ﴿ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا ﴾ [الأنعام : ١٦١] نصب على البدل من محل ﴿ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة : ١٤٢] لأن معناه هداني صراطاً بدليل قوله ﴿ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴾ [الفتح : ٢٠] (الفتح : ٠٢) (قيّماً) " قيما " فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم ﴿ قَيِّمًا ﴾ كوفي وشامي وهو مصدر بمعنى القيام وصف به ﴿ مِّلَّةِ إِبْرَاهِ مَ ﴾ [البقرة : ١٣٠] عطف بيان ﴿ حَنِيفًا ﴾ حال من ﴿ إِبْرَاهِيمَ ﴾ ﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [البقرة : ١٣٥] بالله يا معشر قريش.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٢
﴿ قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى ﴾ [الأنعام : ١٦٢] أي عبادتي، والناسك العابد أو ذبحي أو حجي ﴿ وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى ﴾ [الأنعام : ١٦٢] وما أتيته في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الفاتحة : ٢] خالصة لوجهه.
﴿ وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى ﴾ بسكون الياء الأول وفتح الثاني : مدني.
وبعكسه غيره ﴿ لا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام : ١٦٣] في شيء من ذلك ﴿ وَبِذَالِكَ ﴾ الإخلاص
٦٣
﴿ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام : ١٦٣] لأن إسلام كل نبيٍ متقدم على إسلام أمته.
﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِى رَبًّا ﴾ [الأنعام : ١٦٤] جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم.
والهمزة للإنكار أي منكر أن أطلب رباً غيره، وتقديم المفعول للإشعار بأنه أهم ﴿ وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَىْءٍ ﴾ [الأنعام : ١٦٤] وكل من دونه مربوب ليس في الوجود من له الربوبية غيره ﴿ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا ﴾ [الأنعام : ١٦٤] جواب عن قولهم ﴿ اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَـايَـاكُمْ ﴾ [العنكبوت : ١٢] (العنكبوت : ٢١) ﴿ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام : ١٦٤] أي لا تأخذ نفس آثمة بذنب نفس أخرى ﴿ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [الأنعام : ١٦٤] من الأديان التي فرقتموها ﴿ وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خلائف الارْضِ ﴾ [الأنعام : ١٦٥] لأن محمداً صلى الله عليه وسلّم خاتم النبيين فأمته قد خلفت سائر الأمم، أو لأن بعضهم يخلف بعضاً أو هم خلفاء الله في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ ﴾ [الأنعام : ١٦٥] في الشرف والرزق وغير ذلك ﴿ دَرَجَـاتٌ ﴾ مفعول ثانٍ، أو التقدير إلى درجات، أو هي واقعة موضع المصدر كأنه قيل رفعة بعد رفعة ﴿ لِّيَبْلُوَكُمْ فِى ﴾ فيما أعطاكم من نعمة الجاه والمال كيف تشكرون تلك النعمة وكيف يصنع الشريف بالوضيع والغني بالفقير والمالك بالمملوك ﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ ﴾ [الأنعام : ١٦٥] لمن كفر ﴿ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمُ ﴾ [الأنعام : ١٦٥] لمن قام بشكرها، ووصف العقاب بالسرعة لأن ما هو اتٍ قريب ﴿ وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ [النحل : ٧٧] (النحل : ٧٧) عن النبي صلى الله عليه وسلّم " من قرأ ثلاث آيات من أول الأنعام حين يصبح وكل الله تعالى به سبعين ألف ملك يحفظونه وكتب له مثل أعمالهم إلى يوم القيامة ".
٦٤