﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَـاحِشَةً ﴾ [الأعراف : ٢٨] ما يبالغ في قبحه من الذنوب وهو طوافهم بالبيت عراة وشركهم ﴿ قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَآ ءَابَآءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾ أي إذا فعلوها اعتذروا بأن آباءئهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها حيث أقرنا عليها إذا لو كرهها لنقلنا عنها وهما باطلان، لأن أحدهما تقليد للجهال والثاني افتراء على ذي الجلال ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ ﴾ [الأعراف : ٢٨] إذ المأمور به لا بد أن يكون حسناً وإن كان فيه على مراتب على ما عرف في أصول الفقه ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : ٢٨] استفهام إنكار وتوبيخ ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾ [الأعراف : ٢٩] بالعدل وبما هو حسن عند كل عاقل فكيف يأمر بالفحشاء ﴿ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف : ٢٩] وقل أقيموا وجوهكم أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها في كل وقت سجود أو في كل مكان سجود ﴿ وَادْعُوهُ ﴾ واعبدوه ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [غافر : ٦٥] أي الطاعة مبتغين بها وجهه خالصاً ﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ [الأعراف : ٢٩] كما أنشأكم ابتداء يعيدكم، احتج عليه في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق، والمعنى أنه يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم فأخلصوا له العبادة ﴿ فَرِيقًا هَدَى ﴾ [الأعراف : ٣٠] وهم المسلمون ﴿ وَفَرِيقًا ﴾ أي أضل فريقاً ﴿ حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَـالَةُ ﴾ [الأعراف : ٣٠] وهم الكافرون ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ إن الفريق الذين حق عليهم الضلالة ﴿ اتَّخَذُوا الشَّيَـاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٣٠] أي أنصاراً ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف : ٣٠] والآية حجة لنا على أهل الاعتزال في الهداية والإضلال.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧١
﴿ مُّهْتَدُونَ * يَـابَنِى ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ ﴾ لباس زينتكم ﴿ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف : ٢٩] كلما صليتم.
وقيل : الزينة المشط والطيب، والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئاته للصلاة لأن الصلاة مناجاة الرب فيستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر
٧٤
﴿ وَكُلُوا ﴾ من اللحم والدسم ﴿ وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف : ٣١] بالشروع في الحرام أو في مجاوزة الشبع ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام : ١٤١] وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كل ما شئت، واشرب ما شئت، والبس ما شئت، ما أحطأتك خصلتان : سرف ومخيلة.
وكان للرشيد طبيب حاذق فقال لعليّ بن الحسين بن واقد : ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان : علم الأبدان وعلم الأديان.
فقال له عليّ : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه وهو قوله ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف : ٣١] فقال النصراني : ولم يرو عن رسولكم شيء في الطب فقال : قد جمع رسولنا الطب في ألفاظ يسيرة وهي قوله عليه السلام " المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته " فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً.
ثم استفهم إنكاراً على محرم الحلال بقوله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧١