﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى ﴾ [الأعراف : ١٥٠] من الطور ﴿ إِلَى قَوْمِهِ ﴾ [نوح : ١] بني إسرائيل ﴿ غَضْبَـانَ ﴾ حال من ﴿ مُوسَى ﴾ ﴿ أَسَفًا ﴾ حال أيضاً أي حزيناً ﴿ قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى ﴾ [الأعراف : ١٥٠] قمتم مقامي وكنتم خلفائي ﴿ مِن بَعْدِى ﴾ [الصف : ٦] والخطاب لعبدة العجل من السامري وأشياعه، أو لهارون ومن معه من المؤمنين، ويدل عليه قوله ﴿ اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى ﴾ [الأعراف : ١٤٢] والمعنى بئسما خلفتموني حيث عبدتم العجل مكان عبادة الله، أو حيث لم تكفوا من عبد غير الله، وفاعل ﴿ بِئْسَ ﴾ مضمر يفسره ﴿ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى ﴾ والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم.
ومعنى ﴿ مِن بَعْدِى ﴾ [الصف : ٦] بعد قوله ﴿ خَلَفْتُمُونِى ﴾ من بعد ما رأيتم مني من توحيد الله ونفي الشركاء عنه، أو من بعد ما كنت أحمل بني إسرائيل على التوحيد وأكفهم عن عبادة البقرة حين قالوا ﴿ اجْعَل لَّنَآ إِلَـاهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ﴾ [الأعراف : ١٣٨] ومن حق الخلفاء أن يسيروا بسيرة المستخلف ﴿ أَعَجِلْتُمْ ﴾ أسبقتم بعبادة العجل ﴿ أَمْرَ رَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] وهو إتياني لكم بالتوراة بعد أربعين ليلة.
وأصل العجلة طلب الشيء قبل حينه.
وقيل : عجلتم بمعنى تركتم ﴿ وَأَلْقَى الالْوَاحَ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] ضجراً عند استماعه حديث العجل غضباً لله، وكان في نفسه شديد الغضب وكان هارون ألين منه جانباً، ولذلك كان أحب إلى بني إسرائيل من موسى، فتكسرت فرفعت ستة أسباعها وبقي سبع واحد، وكان فيما رفع تفصيل كل شيء وفيما بقي هدى ورحمة ﴿ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] بشعر رأسه غضباً عليه حيث لم يمنعهم من عبادة العجل ﴿ يَجُرُّهُا إِلَيْهِ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] عتاباً عليه لا هواناً به وهو حال من موسى ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] بني الابن مع الأم على الفتح كـ " خمسة عشر " وبكسر الميم : حمزة وعلي وشامي، لأنه أصله أمي فحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة، وكان ابن أمه وأبيه.
وإنما ذكر الأم لأنها كانت مؤمنة ولأن ذكرها أدعى إلى العطف ﴿ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِى وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِى ﴾ [الأعراف : ١٥٠] أي إني لم آل جهداً في كفهم بالوعظ والإنذار ولكنهم استضعفوني وهموا بقتلي ﴿ فَلا تُشْمِتْ بِىَ الاعْدَآءَ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] الذين عبدوا العجل أي لا تفعل بي ما هو أمنيتهم من الاستهانة بي والإساءة إلي ﴿ وَلا تَجْعَلْنِى مَعَ الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ ﴾ [الأعراف : ١٥٠] أي قريناً لهم بغضبك علي.
فلما اتضح له عذر أخيه.
١١٤
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٨
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١١٥


الصفحة التالية
Icon