﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم ﴾ [الأعراف : ١٨٢] سنستدنيهم قليلاً قليلاً إلى ما يهلكهم ﴿ مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : ١٨٢] ما يراد بهم وذلك أن يواتر الله نعمه عليهم مع إنهماكهم في الغي، فكلما جدد الله عليهم نعمة ازدادوا بطراً وجددوا معصية فيتدرجون في المعاصي بسبب ترادف النعم ظانين أن ترادف النعم أثره من الله تعالى وتقريب وإنما هو خذلان منه وتبعيد، وهو استفعال من الدرجة بمعنى الاستصعاد أو الاستنزال درجة بعد درجة ﴿ وَأَمْلَى لَهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٨٣] عطف على ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم ﴾ وهو غير داخل في حكم السين أي أمهلهم ﴿ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٦
الأعراف : ١٨٣] أخذي شديد.
سماه كيداً لأنه شبيه بالكيد من حيث إنه في الظاهر إحسان وفي الحقيقة خذلان.
ولما نسبوا النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الجنون نزل ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم ﴾ [الأعراف : ١٨٤] محمد عليه السلام و " ما " نافية بعد وقف أي أولم يتفكروا في قولهم، ثم نفى عنه الجنون بقوله ما بصاحبهم ﴿ مِّن جِنَّةٍ ﴾ [الأعراف : ١٨٤] جنون ﴿ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الأعراف : ١٨٤] منذر من الله موضع إنذاره ﴿ أَوَلَمْ يَنظُرُوا ﴾ [الأعراف : ١٨٥] نظر استدلال ﴿ فِى مَلَكُوتِ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ الملكوت الملك العظيم ﴿ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْءٍ ﴾ [الأعراف : ١٨٥] وفيما خلق الله مما يقع عليه اسم الشيء من أجناس لا يحصرها العدد ﴿ وَأَنْ عَسَى ﴾ [الأعراف : ١٨٥] " أن " مخففة من الثقيلة وأصله " وأنه عسى "، والضمير ضمير الشأن وهو في موضع الجر بالعطف على ﴿ مَلَكُوتَ ﴾، والمعنى أولم ينظروا في أن الشأن والحديث عسى ﴿ أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٨٥] ولعلهم يموتون عما قريب فيسارعوا إلى النظر وطلب الحق وما ينجيهم قبل مفاجأة الأجل وحلول العقاب ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْدَهُ ﴾ [الأعراف : ١٨٥] بعد القرآن ﴿ يُؤْمِنُونَ ﴾ إذا لم يؤمنوا به، وهو متعلق بـ ﴿ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٨٥] كأنه قيل : لعل أجلهم قد اقترب فما لهم لا يبادرون الإيمان بالقرآن قبل الفوت؟ وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق؟ وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا؟
١٢٧
﴿ مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ ﴾ [الأعراف : ١٨٦] أي يضلله الله ﴿ وَيَذَرُهُمْ ﴾ بالياء : عراقي، وبالجزم : حمزة وعلي عطفاً على محل ﴿ فَلا هَادِيَ لَهُ ﴾ [الأعراف : ١٨٦] كأنه قيل : من يضلل الله لا يهده أحد ﴿ وَيَذَرُهُمْ ﴾ والرفع على الاستئناف أي وهو يذرهم.
الباقون : بالنون ﴿ فِي طُغْيَـانِهِمْ ﴾ [البقرة : ١٥] كفرهم ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يتحيرون.
ولما سألت اليهود أو قريش عن الساعة متى تكون نزل.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٦


الصفحة التالية
Icon