﴿ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَـامِتُونَ ﴾ [الأعراف : ١٩٣] عن دعائهم في أنه لا فلاح معهم ولا يجيبونكم، والعدول عن الجملة الفعلية إلى الاسمية لرؤوس الآي ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف : ١٩٤] أي تعبدونهم وتسمونهم آلهة ﴿ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٩٤] أي مخلوقون مملوكون أمثالكم ﴿ فَادْعُوهُمْ ﴾ لجلب نفع أو دفع ضر ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٩٤] فليجيبوا ﴿ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ ﴾ [البقرة : ٢٣] في أنهم آلهة.
ثم أبطل أن يكونوا عباداً أمثالهم فقال ﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ ﴾ [الأعراف : ١٩٥] مشيكم ﴿ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ ﴾ [الأعراف : ١٩٥] يتناولون بها ﴿ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف : ١٩٥] أي فلم تعبدون ما هو دونكم ﴿ قُلِ ادْعُوا شُرَكَآءَكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٩٥] واستعينوا بهم في عدواتي ﴿ ثُمَّ كِيدُونِ ﴾ [الأعراف : ١٩٥] جميعاً أنتم وشركاؤكم.
وبالياء : يعقوب وافقه أبو عمرو في الوصل ﴿ فَلا تُنظِرُونِ ﴾ [الأعراف : ١٩٥] فإني لا أبالي بكم وكانوا قد خافوه آلهتهم فأمر أن يخاطبهم بذلك.
وبالياء يعقوب ﴿ إِنَّ وَلِـاِّىَ ﴾ [الأعراف : ١٩٦] ناصري عليكم ﴿ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَـابَ ﴾ [الأعراف : ١٩٦] أوحى إليّ وأعزني برسالته ﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّـالِحِينَ ﴾ [الأعراف : ١٩٦] ومن سنته أن ينصر الصالحين من عباده ولا يخذلهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٦
﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ﴾ [الأعراف : ١٩٧] من دون الله ﴿ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاـاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾ يشبهون الناظرين إليك لأنهم صوروا أصنامهم بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه ﴿ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : ١٩٨] المرئي.
﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف : ١٩٩] هو ضد الجهد أي ما عفا لك من أخلاق الناس وأفعالهم ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لا ينفروا كقوله عليه السلام
١٣١
" يسروا ولا تعسروا " ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ [الأعراف : ١٩٩] بالمعروف والجميل من الأفعال، أو هو كل خصلة يرتضيها العقل ويقبلها الشرع ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَـاهِلِينَ ﴾ [الأعراف : ١٩٩] ولا تكافيء السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عليهم، وفسرها جبريل عليه السلام بقوله : صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك.
وعن الصادق أمر الله نبيه عليه السلام بمكارم الأخلاق، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٣١
﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَـانِ نَزْغٌ ﴾ [الأعراف : ٢٠٠] وإما ينخسنك منه نخس أي بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به ﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٢٠٠] ولا تطعه.
والنزغ : والنخس كأنه ينخس الناس حين يغريهم على المعاصي.
وجعل النزع نازغاً كما قيل جد جده، أو أريد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب كقول أبي بكر رضي الله عنه : إن لي شيطاناً يعتريني إنّه سميعٌ } لنزغه ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بدفعه ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَـائفٌ مِّنَ الشَّيْطَـانِ ﴾ [الأعراف : ٢٠١] مكي وبصري وعليّ أي لمة منه مصدر من قولهم " طاف به الخيال يطيف طيفاً ".
وعن أبي عمرو : هما واحد وهي الوسوسة.
وهذا تأكيد لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان، وأن عادة المتقين إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته ﴿ الشَّيْطَـانِ تَذَكَّرُوا ﴾ [الأعراف : ٢٠١] ما أمر الله به ونهى عنه ﴿ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : ٢٠١] فأبصروا السداد ودفعوا وسوسته.
وحقيقته أن يفروا منه إلى الله فيزدادوا بصيرة من الله بالله ﴿ وَإِخْوَانِهِمْ ﴾ وأما إخوان الشياطين من شياطين الإنس فإن الشياطين ﴿ يَمُدُّونَهُمْ فِى الْغَىِّ ﴾ [الأعراف : ٢٠٢] أي يكونون مدداً لهم فيه ويعضدونهم ﴿ يَمُدُّونَهُمْ ﴾ من الإمداد : مدني ﴿ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ﴾ [الأعراف : ٢٠٢] ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا، وجاز
١٣٢