﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [آل عمران : ٣١] ذنوبكم أي الكبائر ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة : ١٠٥] على عباده.
﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الانفال : ٣٠] لما فتح الله عليه ذكّره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة الله في نجاته من مكرهم واستيلائه عليهم.
والمعنى واذكر إذ يمكرون بك، وذلك أن قريشاً لما أسلمت الأنصار فرقوا أن يتفاقم أمره فاجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ وقال : أنا شيخ من نجد دخلت مكة فسمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا مني رأياً ونصحاً.
فقال أبو البختري : رأيي أن تحبسوه في بيت وتشدوا وثاقه وتسدوا بابه غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه منها وتتربصوا به ريب المنون.
فقال إبليس : بئس الرأي، يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم.
فقال هشام بن عمرو : رأيي أن تحملوه على جمل وتخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ما صنع واسترحتم.
فقال إبليس : بئس الرأي، يفسد قوماً غيركم ويقاتلكم بهم.
فقال أبو جهل لعنه الله : أنا أرى أن تأخذوا من كل بطن غلاماً وتعطوه سيفاً فيضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل، فلا يقوى بنو هاشم على حربٍ قريش كلهم، فإذا طلبوا العقل عقلناه واسترحنا.
فقال اللعين : صدق هذا الفتى هو أجودكم رأياً، فتفرقوا على رأي أبي جهل مجتمعين على قتله، فأخبر جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأمره أن لا يبيت في مضجعه وأذن له الله في الهجرة، فأمر علياً فنام في مضجعه وقال له : اتشح ببردتي فإنه لن يخلص إليك أمر تكرهه.
وباتوا مترصدين، فلما أصبحوا ثاروا إلى مضجعه فأبصروا علياً فبهتوا وخيب الله سعيهم واقتفوا أثره فأبطل الله مكرهم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٣
﴿ لِيُثْبِتُوكَ ﴾ ليحبسوك ويوثقوك ﴿ أَوْ يَقْتُلُوكَ ﴾ [الانفال : ٣٠] بسيوفهم ﴿ أَوْ يُخْرِجُوكَ ﴾ [الانفال : ٣٠] من مكة ﴿ وَيَمْكُرُونَ ﴾ ويخفون المكايد له ﴿ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ﴾ [الانفال : ٣٠] ويخفي الله ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة ﴿ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَـاكِرِينَ ﴾ [آل عمران : ٥٤] أي مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيراً.
١٤٦
كان عليه السلام يقرأ القرآن ويذكر أخبار القرون الماضي في قراءته فقال النضر بن الحارث : لو شئت لقلت مثل هذا.
وهو الذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وأحاديث العجم فنزل ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُنَا ﴾ [يونس : ١٥] أي القرآن ﴿ قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـاذَآ إِنْ هَـاذَآ إِلا أَسَـاطِيرُ الاوَّلِينَ ﴾ [الانفال : ٣١] وهذا صلف منهم ووقاحة، لأنهم دعوا إلى أن يأتوا بسورة واحدة من مثل هذا القرآن فلم يأتوا به.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٣
﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـاذَا ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٤٧