﴿ إِنِّى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [المؤمنون : ١١١] بصبرهم ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ أي لأنهم ﴿ هُمُ الْفَآ ـاِزُونَ ﴾ [التوبة : ٢٠] ويجوز أن يكون مفعولاً ثانياً أن جزيتهم اليوم فوزهم لأن جزى يتعدى إلى اثنين ﴿ وَجَزَاـاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً ﴾ [الإنسان : ١٢] إنهم حمزة وعلي على الاستئناف أي إنهم هم الفائزون لا أنتم.
﴿ قَالَ ﴾ أي الله أو المأمور بسؤالهم من الملائكة.
قل مكي وحمزة وعلي أمر لمالك أن يسألهم ﴿ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى الارْضِ ﴾ [المؤمنون : ١١٢] في الدنيا ﴿ عَدَدَ سِنِينَ ﴾ [المؤمنون : ١١٢] أي كم عدد سنين لبثتم فكم نصب بـ لبثتم وعدد تمييز ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾ [الكهف : ١٩] استقصروا مدة لبثهم في الدنيا بالإضافة إلى خلودهم ولما هم فيه من عذابها، لأن الممتحن يستطيل أيام محنته ويستقصر ما مر عليه من أيام الدعة ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا ﴾ [المؤمنون : ١١٣] أي الحساب أو الملائكة الذين يعدون أعمار العباد وأعمالهم فسل بلا همز : مكي وعلي ﴿ قَـالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ﴾ [المؤمنون : ١١٤] أي ما لبثتم إلا زمناً قليلاً أو لبثاً قليلاً ﴿ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون : ١١٤] صدقهم الله تعالى في تقالهم لسني لبثهم في الدنيا ووبخههم على غفلتهم التي كانوا عليها قل إن حمزة وعلي ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـاكُمْ عَبَثًا ﴾ [المؤمنون : ١١٥] حال أي عابثين أو مفعول له أي للعبث ﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون : ١١٥] وبفتح التاء وكسر الجيم : حمزة وعلي ويعقوب وهو معطوف على ﴿ أَنَّمَا خَلَقْنَـاكُمْ ﴾ [المؤمنون : ١١٥] أو على عبثاً أي للعبث ولنترككم غير مرجوعين بل خلقناكم للتكليف، ثم للرجوع من دار التكليف إلى دار الجزاء فنثيب المحسن ونعاقب المسيء ﴿ فَتَعَـالَى اللَّهُ ﴾ [الأعراف : ١٩٠] عن أن يخلق عبثاً ﴿ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾ [المؤمنون : ١١٦] الذي يحق له الملك لأن كل شيء منه وإليه، أو الثابت الذي لا يزول ولا يزول ملكه
١٩٣
﴿ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون : ١١٦] وصف العرش بالكرم لأن الرحمة تنزل منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين.
وقرىء شاذا برفع الكريم صفة للرب تعالى.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٣
﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ لا بُرْهَـانَ ﴾ [المؤمنون : ١١٧] أي لا حجة ﴿ لَهُ بِهِ ﴾ [المؤمنون : ١١٧] اعتراض بين الشرط والجزاء كقولك " من أحسن إلى زيد أحق بالإحسان منه فإن الله مثيبه " أو صفة لازمة جيء بها للتوكيد كقولك " يطير بجناحيه لا أن يكون في الالهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان " ﴿ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ ﴾ [المؤمنون : ١١٧] أي جزاؤه وهذا جزاء الشرط ﴿ عِندَ رَبِّهِ ﴾ [المؤمنون : ١١٧] أي فهو يجازيه لا محالة ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَـافِرُونَ ﴾ [المؤمنون : ١١٧] جعل فاتحة السورة قد أفلح المؤمنون وخاتمتها إنه لا يفلح الكافرون فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة.
ثم علمنا سؤال المغفرة والرحمة بقوله ﴿ وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ ﴾ [المؤمنون : ١١٨] ثم قال ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٩] لأن رحمته إذا أدركت أحداً أغنته عن رحمة غيره ورحمة غيره لا تغنيه عن رحمته.
١٩٤