الزنا ورائد الفجور فبذر الهوى طموح العين ﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾ [النور : ٣١] الزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب، والمعنى ولا يظهرن مواضع الزينة إذ إظهار عين الزينة وهي الحلي ونحوها مباح فالمراد بها مواضعها أو إظهارها وهي في مواضعها لإظهار مواضعها لا لإظهار أعيانها، ومواضعها الرأس والأذن والعنق والصدر والعضدان والذراع والساق فهي للإكليل والقرط والقلادة والوشاح والدملج والسوار والخلخال ﴿ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور : ٣١] إلا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان، ففي سترها حرج بين فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ ﴾ وليضعن من قولك " ضربت بيدي على الحائط " إذا وضعتها عليه ﴿ بِخُمُرِهِنَّ ﴾ جمع خمار ﴿ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] بضم الجيم : مدني وبصري وعاصم.
كانت جيوبهن واسعة تبدو منها صدورهن وما حواليها وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة فأمرن بأن يسدلنها من أقدامهن حتى تغطيها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٨
﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾ [النور : ٣١] أي مواضع الزينة الباطنة كالصدر والساق والرأس ونحوها ﴿ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] لأزواحهن جمع بعل ﴿ أَوْ ءَابَآ ـاِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] ويدخل فيهم الأجداد ﴿ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] فقد صاروا محارم ﴿ أَوْ أَبْنَآ ـاِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] ويدخل فيهم النوافل ﴿ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] فقد صاروا محارم أيضاً ﴿ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] ويدخل فيهم النوافل وسائر المحارم كالأعمام والأخوال وغيرهم دلالة ﴿ أَوْ نِسَآ ـاِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] أي الحرائر لأن مطلق هذا اللفظ يتناول الحرائر ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ ﴾ [النور : ٣١] أي إمائهن ولا يحل لبعدها أن ينظر إلى هذه المواضع منها خصياً كان أو عنيناً أو فحلاً.
وقال سعيد بن المسيب : لا تغرنكم سورة النور فإنها في الإماء دون الذكور.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها أباحت النظر إليها لعبدها ﴿ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ ﴾ [النور : ٣١] بالنصب : شامي ويزيد وأبو بكر على الاستثناء أو الحال، وغيرهم بالجر على البدل أو على الوصفية ﴿ أُوْلِى الارْبَةِ ﴾ [النور : ٣١] الحاجة إلى النساء.
قيل : هم
٢٠٩
الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء لأنهم بله لا يعرفون شيئاً من أمرهن، أو شيوخ صلحاء، أو العنين أو الخصي والمخنث.
وفي الأثر أنه المجبوب والأول الوجه ﴿ مِنَ الرِّجَالِ ﴾ [النور : ٣١] حال ﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ ﴾ [النور : ٣١] هو جنس فصلح أن يراد به الجمع ﴿ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ ﴾ [النور : ٣١] أي لم يطلعوا لعدم الشهوة من ظهر على الشيء إذا أطلع عليه، أو لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء من ظهر على فلان إذا قوي عليه ﴿ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور : ٣١] كانت المرأة تضرب الأرض برجليها إذا مشت لتسمع قعقعة خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فنهين عن ذلك إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ومنه سمي صوت الحلي وسواساً ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور : ٣١] ﴿ أَيُّهَ ﴾ شامي إتباعاً للضمة قبلها بعد حذف الألف لالتقاء الساكنين، وغيره على فتح الهاء لأن بعدها ألفاً في التقدير ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٩] العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد.
فلذا وصى المؤمنين جميعاً بالتوبة وبتأميل الفلاح إذا تابوا وقيل : أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس له حاجة إلى التوبة، وظاهر الآية يدل على أن العصيان لا ينافي الإيمان.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٨


الصفحة التالية
Icon