﴿ وَءَامَنَ ﴾ بمحمد عليه الصلاة والسلام ﴿ وَعَمِلَ عَمَلا صَـالِحًا ﴾ [الفرقان : ٧٠] بعد توبته ﴿ فَأُوالَـائكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّـاَاتِهِمْ حَسَنَـاتٍ ﴾ [الفرقان : ٧٠] أي يوفقهم للمحاسن بعد القبائح أو يمحوها بالتوبة ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة، ولم يرد به أن السيئة بعينها حسنة ولكن المراد ما ذكرنا.
يبدل مخففاً البرجمي ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ﴾ [النساء : ٩٦] يكفر السيئات ﴿ رَّحِيمًا ﴾ يبدلها بالحسنات.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٦
﴿ وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان : ٧١] أي ومن تاب وحقق التوبة بالعمل الصالح فإنه يتوب بذلك إلى الله تعالى متاباً مرضياً عنده مكفراً للخطايا محصلاً للثواب ﴿ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان : ٧٢] أي الكذب يعني ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يقربونها تنزهاً عن مخالطة الشر وأهله إذ مشاهدة الباطل شركة فيه، وكذلك النظارة إلى ما لم تسوغه الشريعة هم شركاء فاعليه في الآثام لأن حضورهم ونظرهم دليل على الرضا.
وسبب وجود الزيادة فيه وفي مواعظ عيسى عليه السلام : إياكم ومجالسة الخاطئين.
أو لا يشهدون شهادة الزور على حذف المضاف.
وعن قتادة : المراد مجالس الباطل.
وعن ابن الحنفية : لا يشهدون اللهو والغناء.
﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ ﴾ [الفرقان : ٧٢] بالفحش وكل ما ينبغي أن يلغى ويطرح، والمعنى وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به ﴿ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان : ٧٢] معرضين أنفسهم عن التلوث به كقوله.
﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ وعن الباقر رضي الله عنه : إذا ذكروا الفروج كنوا عنها ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِـاَايَـاتِ رَبِّهِمْ ﴾ [الفرقان : ٧٣] أي قرىء عليهم القرآن أو وعظوا
٢٥٧
بالقرآن ﴿ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴾ [الفرقان : ٧٣] هذا ليس بنفي الخرور بل هو إثباب له ونفي الصمم والعمى ونحوه " لا يلقاني زيد مسلماً " هو نفي للسلام لا للقاء يعني أنهم إذا ذكروا بها خروا سجداً وبكياً سامعين باذان واعية مبصرين بعيون واعية لما أمروا ونهوا عنه لا كالمنافقين وأشباههم دليله قوله تعالى :﴿ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَاءِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَآ ﴾ [مريم : ٥٨].
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٧
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا ﴾ [الفرقان : ٧٤] " من " للبيان كأنه قيل : هب لنا قرة أعين.
ثم بينت القرة وفسرت بقوله من أزواجنا ﴿ وَذُرِّيَّـاتِنَا ﴾ ومعناه أن يجعلهم الله لهم قرة أعين وهو من قولهم " رأيت منك أسداً " أي أنت أسد، أو للابتداء على معنى هب لنا من جهتهم ما تقربه عيوننا من طاعة وصلاح وذريتنا أبو عمر وكوفي غير حفص لإرادة الجنس وغيرهم ذرياتنا ﴿ قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة : ١٧] وإنما نكر لأجل تنكير القرة لأن المضاف لا سبيل إلى تنكيره إلا بتنكير المضاف إليه كأنه قال : هب لنا منهم سروراً وفرحاً.
وإنما قيل ﴿ أَعْيُنٍ ﴾ على القلة دون " عيون " لأن المراد أعين المتقين وهي قليلة بالإضافة إلى عيون غيرهم قال الله تعالى :﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ : ١٣].
ويجوز أن يقال في تنكير أعين إنها أعين خاصة وهي أعين المتقين، والمعنى أنهم سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجاً وأعقاباً عمالاً لله تعالى يسرون بمكانهم وتقر بهم عيونهم.
وقيل : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله تعالى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هو الولد إذا رآه يكتب الفقه ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان : ٧٤] أي أئمة يقتدون بنا في الدين فاكتفى بالواحد لدلالته على الجنس ولعدم اللبس، أو واجعل كل واحد منا إماماً.
قيل : في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها.
﴿ أؤلئك يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ﴾ [الفرقان : ٧٥] أي الغرفات وهي العلالي في الجنة فوحد اقتصاراً على الواحد الدال على الجنس دليله قوله :﴿ وَهُمْ فِى الْغُرُفَـاتِ ءَامِنُونَ ﴾ [سبأ : ٣٧].
﴿ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [المؤمنون : ١١١] أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات وعلى أذى
٢٥٨


الصفحة التالية
Icon