﴿ قَالُوا لا ضَيْرَ ﴾ [الشعراء : ٥٠] لا ضرر وخبر " لا " محذوف أي في ذلك أو علينا ﴿ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَـايَـانَآ أَن كُنَّآ ﴾ لأن كنا ﴿ أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف : ١٤٣] من أهل المشهد أو من رعية فرعون.
أراد وإلا ضرر علينا في ذلك بل لنا أعظم النفع لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه الله من تكفير الخطايا، أو لا ضير علينا فيما تتوعدنا به إنه لا بد لنا من الانقلاب إلى ربنا بسبب من أسباب الموت، والقتل أهون أسبابه وأرجاها، أو لا ضير علينا في قتلك إنك إن قتلتنا انقلبنا إلى ربنا إنقلاب من يطمع في مغفرته ويرجو رحمته لما رزقنا من السبق إلى الإيمان ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ ﴾ [الشعراء : ٥٢] وبوصل الهمزة : حجازي ﴿ بِعِبَادِى ﴾ بني إسرائيل سماهم عباده لإيمانهم بنبيه أي سر بهم ليلاً وهذا بعد سنين من إيمان السحرة ﴿ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴾ [الشعراء : ٥٢] يتبعكم فرعون وقومه علل الأمر بالإسراء باتباع فرعون وجنوده آثارهم يعني إني بنيت تدبير أمركم وأمرهم على أن تتقدموا ويتبعوكم حتى يدخلوا مدخلكم من طريق البحر فأهلكهم.
وروي أنه مات في تلك الليلة في كل بيت من بيوتهم ولد فاشتغلوا بموتاهم حتى خرج موسى بقومه.
وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أبيات في بيت ثم اذبح الجداء واضربوا بدمائها على أبوابكم فإني سآمر الملائكة أن لا يدخلوا بيتاً على بابه دم وسآمرهم بقتل أبكار القبط، واخبزوا خبزاً فطيراً فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر فيأتيك أمري.
﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى الْمَدَآ ـاِنِ حَـاشِرِينَ ﴾ [الشعراء : ٥٣] أي جامعين للناس بعنف، فلما اجتمعوا قال :
٢٦٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٩
﴿ إِنَّ هؤلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ﴾ [الشعراء : ٥٤] والشرذمة الطائفة القليلة ذكرهم بالاسم الدال على القلة، ثم جعلهم قليلاً بالوصف، ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلاً.
واختار جمع السلامة الذي هو للقلة أو أراد بالقلة الذلة لا قلة العدد أي أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا تتوقع غلبتهم.
وإنما استقل قوم موسى وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً لكثرة من معه.
فعن الضحاك : كانوا سبعة الاف ألف ﴿ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآ ـاِظُونَ ﴾ [الشعراء : ٥٥] أي أنهم يفعلون أفعالاً تغيظنا وتضيق صدورنا وهي خروجهم من مصرنا وحملهم حلينا وقتلهم أبكارنا ﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـاذِرُونَ ﴾ [الشعراء : ٥٦] شامي وكوفي وغيرهم حذرون فالحذر المتيقظ والحاذر الذي يجدد حذره.
وقيل : المؤدي في السلاح وإنما يفعل ذلك حذراً واحتياطاً لنفسه يعني ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى حسم فساده، وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به العجز والفتور.
﴿ فَأَخْرَجْنَـاهُم مِّن جَنَّـاتٍ ﴾ [الشعراء : ٥٧] بساتين ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ وأنهار جارية ﴿ وَكُنُوزٍ ﴾ وأموال ظاهرة من الذهب والفضة وسماها كنوزاً لأنهم لا ينفقون منها في طاعة الله تعالى ﴿ وَمَقَامٍ ﴾ ومنزل ﴿ كَرِيمٍ ﴾ بهي بهيج.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : المنابر ﴿ كَذَالِكَ ﴾ يحتمل النصب على أخرجناهم مثل ذلك الآخراج الذي وصفنا، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك ﴿ وَأَوْرَثْنَـاهَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ [الشعراء : ٥٩] عن الحسن : لما عبروا النهر رجعوا وأخذوا ديارهم وأموالهم ﴿ فَأَتْبَعُوهُم ﴾ فلحقوهم فاتبعوهم يزيد ﴿ مُّشْرِقِينَ ﴾ حال أي داخلين في وقت شروق الشمس وهو طلوعها أدرك قوم فرعون موسى وقومه وقت طلوع الشمس.
٢٧٠
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٧٠


الصفحة التالية
Icon