﴿ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ﴾ [القصص : ٣٢] حجازي بفتحتين وبصري.
الرّهب حفص الرّهب غيرهم ومعنى الكل الخوف والمعنى : واضمم يدك إلى صدرك يذهب ما بك من فرق لأجل الحية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما : كل خائف إذا وضع يده على صدره زال خوفه.
وقيل : معنى ضم الجناح أن الله تعالى لما قلب العصا حية فزع موسى واتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء فقيل له : إن اتقاءك بيدك غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران : اجتناب ما هو غضاضة عليك وإظهار معجزة أخرى.
والمراد بالجناح اليد لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه، أو أريد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران.
ومعنى من الرهب من أجل الرهب أي إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك، جعل الرهب الذي كان يصيبه سبباً وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه.
ومعنى واضمم إليك جناحك واسلك يدك في جيبك على أحد التفسيرين واحد ولكن خولف بين العبارتين لاختلاف الغرضين إذ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب.
ومعنى
٣٤٠
﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ ﴾ [طه : ٢٢] في " طه " أدخل يمناك تحت يسراك ﴿ فَذَانِكَ ﴾ مخففاً مثنى " ذاك " ومشدداً : مكي وأبو عمرو مثنى ذلك فإحدى النونين عوض من اللام المحذوفة والمراد اليد والعصا حجتان نيرتان بينتان وسميت الحجة برهاناً لإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة ﴿ مِنْ غَيْرِ سُواءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ ﴾ [القصص : ٣٢] أي أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الايتين ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَـاسِقِينَ ﴾ [النمل : ١٢] كافرين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٠
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾ [القصص : ٣٣] به بغير يا ء وبالياء : يعقوب ﴿ وَأَخِى هَـارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ ﴾ [القصص : ٣٤] حفص ﴿ رِدْءًا ﴾ حال أي عونا يقال ردأته أعنته، وبلا همز : مدني ﴿ يُصَدِّقُنِى ﴾ عاصم وحمزة صفة أي ردأ مصدقاً لي، وغيرهما بالجزم جواب لـ أرسله ومعنى تصديقه موسى إعانته إياه بزيادة البيان في مظان الجدال إن احتاج إليه ليثبت دعواه لا أن يقول له صدقت، ألا ترى إلى قوله هو أفصح مني لساناً فأرسله وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان لا لقوله صدقت فسحبان وباقل فيه يستويان ﴿ إِنِّى أَخَافُ أَن ﴾.
يكذبوني في الحالين : يعقوب ﴿ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ﴾ [القصص : ٣٥] سنقويك به إذ اليد تشد بشدة العضد لأنه قوام اليد والجملة تقوى بشدة اليد على مزاولة الأمور ﴿ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَـانًا ﴾ [القصص : ٣٥] غلبة وتسلطاً وهيبة في قلوب الأعداء ﴿ فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِـاَايَـاتِنَآ ﴾ [القصص : ٣٥] الباء تعلق بـ يصلون أي لا يصلون إليكما بسبب آياتنا وتم الكلام، أو بـ نجعل لكما سلطاناً أي نسلطكما بآياتنا أو بمحذوف أي إذهبا بآياتنا، أو هو بيان لـ الغالبون لا صلة، أو قسم جوابه لا يصلون مقدماً عليه ﴿ أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَـالِبُونَ ﴾ [القصص : ٣٥]
٣٤١
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤١


الصفحة التالية
Icon