﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف : ٤٦] لا زاد القبر وعدة العقبى ﴿ وَالْبَـاقِيَـاتُ الصَّـالِحَـاتُ ﴾ [الكهف : ٤٦] أعمال الخير التي تبقى ثمرتها للإنسان أو الصلوات الخمس أو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ﴿ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا ﴾ [الكهف : ٤٦] جزاء ﴿ وَخَيْرٌ أَمَلا ﴾ [الكهف : ٤٦] لأنه وعد صادق وأكثر الآمال كاذبه يعني أن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ويصيبه في الآخرة ﴿ وَيَوْمَ ﴾ واذكر يوم ﴿ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ﴾ [الكهف : ٤٧] تُسيَّر الجبال مكى وشامي وأبو عمرو أي تسير في الجو أو يذهب بها بأن تجعل هباء منثوراً منبثاً ﴿ وَتَرَى الارْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف : ٤٧] ليس عليها ما يسترها مما كان عليها من الجبال والأشجار ﴿ وَحَشَرْنَـاهُمْ ﴾ أي الموتى ﴿ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف : ٤٧] أي فلم نترك.
غادره أي تركه ومنه الغدر ترك الوفاء والغدير ما غادره السيل ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ﴾ [الكهف : ٤٨] مصطفين ظاهرين ترى جماعتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحداً شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ﴿ لَّقَدْ جِئْتُمُونَا ﴾ [الكهف : ٤٨] أي قلنا لهم لقد جئتمونا وهذا المضمر يجوز أن يكون عامل النصب في يوم نسير ﴿ كَمَا خَلَقْنَـاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة ﴾ [الكهف : ٤٨] أي لقد بعثناكم كما أنشأناكم أول مرة أو جئتمونا عراة لا شيء معكم كما خلقناكم أولا وإنما قال : وحشرناهم ماضياً بعد نسير وترى للدلالة على حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال كأنه قيل وحشرناهم قبل ذلك ﴿ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا ﴾ [الكهف : ٤٨] وقتاً لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشور أو مكان وعد للمحاسبة ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَـابُ ﴾ [الكهف : ٤٩] أي صحف الأعمال ﴿ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ ﴾ [الكهف : ٤٩] خائفين ﴿ مِمَّا فِيهِ ﴾ [الكهف : ٤٩] من الذنوب ﴿ وَيَقُولُونَ يَـاوَيْلَتَنَا مَالِ هَـاذَا الْكِتَـابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ﴾ أي لا يترك شيئاً من المعاصي ﴿ إِلا أَحْصَـاهَا ﴾ [الكهف : ٤٩] حصرها وضبطها ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ﴾ [الكهف : ٤٩] في الصحف عتيداً أو جزاء ما عملوا ﴿ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف : ٤٩] فيكتب عليه ما لم يعمل أو يزيد في عقابه أو يعذبه بغير جرم
٢٩
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٩
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـائِكَةِ اسْجُدُوا لادَمَ ﴾ [البقرة : ٣٤] فسجود تحية أو سجود انقياد ﴿ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ﴾ [الكهف : ٥٠] وهو مستأنف كأن قائلاً قال : ما له لم يسجد فقيل كان من الجن ﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف : ٥٠] خرج عما أمره ربه به من السجود وهو دليل على أنه كان مأموراً بالسجود مع الملائكة ﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ ﴾ [الكهف : ٥٠] الهمزة للإنكار والتعجب كأنه قيل أعقيب ما وجد منه تتخذونه وذريته ﴿ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى ﴾ [الكهف : ٥٠] وتستبدلونهم بي ومن ذريته لا قيس موسوس الصلاة والأعور صاحب الزنا وتبر صاحب المصائب ومطوس صاحب الأراجيف وداسم يدخل ويأكل مع من لم يسم الله تعالى ﴿ وَهُمْ لَكُمْ عَدُوُّ ﴾ [الكهف : ٥٠] أعداء ﴿ بِئْسَ لِلظَّـالِمِينَ بَدَلا ﴾ [الكهف : ٥٠] بئس البدل من الله إبليس لمن استبدله فأطاعه بدل طاعة الله ﴿ مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ ﴾ [الكهف : ٥١] أي إبليس وذريته ﴿ خَلْقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [إبراهيم : ١٩] يعني أنكم اتخذتموهم شركاء لي في العبادة وإنما يكونون شركاء فيها لو كانوا شركاء في الإلهية فنفى مشاركتهم في الإلهية بقوله ما أشهدنهم خلق السماوات والأرض لأعتضد بهم في خلقها أو أشاورهم فيه أي تفردت بخلق الأشياء فأفردوني في العبادة
٣٠
﴿ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ﴾ [الكهف : ٥١] أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله ولا تقتلوا أنفسكم ﴿ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ ﴾ [الكهف : ٥١] أي وما كنت متخذهم ﴿ عَضُدًا ﴾ أي أعواناً فوضع المضلين موضع الضمير ذمًّا لهم بالإضلال فإذا لم يكونوا عضداً لي في الخلق فمالكم تتخذونهم شركاء لي في العبادة
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٠